خطاب السياسة عند المثقف "المقاصدي"

خطاب السياسة عند المثقف “المقاصدي”

الملخّص 

تنطلق الدراسة للتأسيس لمفهوم المثقف "المقاصدي" من افتراض تصالح قائم بين "المثقف" و"عالم المقاصد"، المسكون بتنزيلها بخاصة على المجال السياسي؛ بحيث لا يتأتى له ذلك إلا بتوظيف آليات مقاصدية تعتبر عقلية في أساسها، والمثقف الذي يستند على سلطة العقل وقوانينه، وهذه نقطة التقاء واتفاق بين "المثقف" و"المقاصدي".

ومن خلال هذا البحث، سنحاول الإجابة عن السؤال التالي:

هل يمكن اعتبار المثقف "المقاصدي" السندَ الفكريَّ والنظري للحركات السياسية "الإسلامية"، سواء كانت متربعةً على عرش السلطة، أو على عتبتها؟ وانطلاقًا من أن الممارسة السياسية للإسلاميين تتقدم على نظريتهم السياسية وخطابهم المعرفي، وتلك مفارقة لها تداعيات سلبية على هذا المكون السياسي، فهل يتوفر هذا النموذج من المثقفين السياسيين على الإمكانيات العلمية والمنهجية (التأويلية) والحامل الاجتماعي، ليقوم بأحد وظائفه في سد تلك الثغرة والنقص الحاصل؟

تروم الدراسة محاولةَ رصد الأهمية البالغة للإرث المقاصدي في دفع المثقفين "الإسلاميين" للتأقلم مع محمولات الحداثة السياسية، وكذا رصد تطورات أفكارهم وهم في سدة الحكم، وكذا في موقع المعارضة، وكذلك تتبع هذا التحول على مستوى الخطاب السياسي لهذه الحركات الإسلامية السياسية.

وسنحاول أن نبيِّن  مكانةَ المثقف "المقاصدي" في ظل الحراك العربي، وما أفرزه من تيارات دينية متصارعة داخل البلد الواحد حول امتلاك المجال العام، مبرزين دورَه الذي يفترض أن يتخطى دور الفقيه التقليدي، مستفيدين في الوقت ذاته من بعض الأدوار التي كان قد أفلح المثقف العربي الحديث في إنجازها.

وتهدف الدراسة أيضًا، إلى إعادة الاعتبار إلى فاعلية المقاصد في الاجتماع السياسي، من خلال الدور الذي يقوم به هذا المثقف "المقاصدي"، في تحيين المقاصد وتفعيلها؛ تلبية لحاجات الإنسان المعاصر، مستثمرًا مناهجَ العلوم الاجتماعية، وآليات "المنهج المقاصدي" من قبيل قواعد أصول الفقه، وفقه الواقع، وفقه الأولويات والموازنات واعتبار مآل الأعمال.