روح الشريعة الإسلامية لجون بول شارناي

روح الشريعة الإسلامية جون بول شارناي مركز نهوض للدراسات

 الملخّص

يتألَّف كتاب "روح الشريعة الإسلامية" من ستة فصول، وسابعها ملحق مكوَّن من قضايا مختلفة؛ كل فصل منها يناقش أسئلةً تاريخية شائكة، وإشكالاتٍ علمية لاحبة، تستدعي نظرًا حصيفًا يجمع بين استدعاءين:

الأول: يهمُّ استيعابًا جزئيًّا، وقراءة داخلية للعلوم الفاعلة التي أثْرت الرصيد المعرفي للثقافة الإسلامية.

والثاني: يخصُّ معطيات تاريخية في الفكر الإسلامي، وطبيعة معالجته لمثل تلك القضايا حتى العصر الراهن.

جون بول شارناي

جون بول شارناي

وعليه، سوف نعرض لمضامين الكتاب الكليَّة، دون أن نغادر تلكم القضايا والإشكالات، صغيرة ولا كبيرة إلا فحصناها – بحسب ما يفسحه المجال – بمراجعتها وتحقيق القول فيها، وَفْقَ ما أثاره الكاتب جون بول شارناي، إمَّا ترتيبًا وإمَّا إعادة ترتيب لها. لأن"الغرض من الدراسات المعروضة هنا ليس كتابة (دليل) أو (رسالة) حول الشريعة الإسلامية، بل النفاذ إلى جوهرها من خلال الإحاطة بهندستها، وأنماطها في الاستدلال والاشتغال".

وقبل أن أفسح النظر في قضايا الكتاب ومسائله، يجدر في البدء التنبيه إلى جملة مزاياه الأساسية:

الأولى: تبدو في أن كتاب "روح الشريعة" يقدِّم لنا صورةً جديدة للخطاب الاستشراقي المعاصر، من حيث معايناته الفكرية والاجتماعية للفكر الشرقي، وخاصةً الإسلامي منه. ومعرفة واعية بالشريعة الإسلامية ونظامها.

الثانية: اشتغال كاتبه على القضايا الدقيقة في الفكر الإسلامي، بالنفاذ إلى أغواره العلمية، كمسائل علم الكلام والفقه، وقضاياه المنهجية أيضًا، كمباحث الأصول والمنطق، ثم الحفر في الروابط والعلائق المعرفية بينها. وكذلك اهتمامه بالحركة الفقهية والدينية، في صلتها بالحركة السياسية عبر تاريخ المجال الإسلامي.

الثالثة: اشتغاله على تاريخ الأفكار في السياق الإسلامي، من خلال سرد "كرونولوجي" متسلسل، مع استفادته من الأطروحات السابقة بحضورها البيِّن في متن الكتاب.

الرابعة: حضور البُعْد النقدي في الكتاب للأطروحات الفكرية في المجال الإسلامي، وتمييزه الواضح بين البُعْد الفكراني الإيديولوجي فيها، مما ينمُّ عن اتساع ثقافة الكاتب في المعرفة الإسلامية وتاريخها.   

لذلك، فإن هذه القراءة المراجعاتية والنقدية ستعرض للأفكار والآراء المثبتة فيه، وقد تكون مناط اختلافٍ لدى غيري من قرَّاء الكتاب، بل إنها تدعو القارئ إلى الاطلاع عليه؛ لأن فيه من المزايا والفوائد ما يغني الرصيد العلمي والمعرفي، خصوصًا عن الثقافة الاستشراقية المعاصرة، بمكوناتها العلمية ومسالكها المنهحية.