علم الكلام منافسا للفلسفة اليونانية: قراءة جديدة لتاريخ علم الكلام

قراءة جديدة لتاريخ علم الكلام: علم الكلام منافسًا للفلسفة اليونانية

الملخّص

إن المتأمل في الكثير من مباحث علم الكلام يجد إلى حدِّ بعيد أن هذا الأخير ما هو إلا ردة فعل ضد الفلسفة اليونانية، التي اقتحمت المجال الإسلامي اقتحامًا، بسبب خوضها في قضايا الألوهية والنبوة؛ فكان علمُ الكلام يقترح نفسه بديلًا عن الفلسفة، سواء من حيث المضامين أو منهج الاستدلال.

وهذا في نظري من بين الأسباب التي أثارت ثائرةَ الفلاسفة ضدَّ علم الكلام ومنهجه، حتى إن البعض منهم جعل مشروعه الفكري يقوم على هدم الصرح الاستدلالي للمتكلمين، والتقليل من شأنه.

بالإضافة إلى ما سبق، تكمن الجدوى من هذا البحث في أن علم الكلام في الكثير من مباحثه وفصولِه يستحضر خصومَه من الفلاسفة، الذين ما فتئوا يوجهون سهامَ نقدهم اللاذع إلى علم الكلام، منهجًا ومضمونًا.

ولقد كان خطر الميتافيزيقا الأرسطية يتهدد عقائد الناس، حيث نجد الكثيرَ من النخب العلمية انساقت وراءَ الإغراء الفلسفي وفتنته، لذلك حاول المتكلمون الإجابةَ عن أسئلة الفلاسفة التي كانوا يستفزون بها المتكلمين، وهي إجابات عن الهوية والماهية والوجود والعلل والمادة والصور والإنسان والنفس الإنسانية والمعرفة والعقل، وكلها إجابات متصلة ومؤطرة بالرؤية القرآنية للوجود والإله.