إن الجدل التاريخي حول مسألة الخلافة كان ولا يزال مثار بحث كثيرٍ من الأكاديميين وفَحْصِهم. يقدِّم هذا الكتاب أطروحةً تاريخيةً وسياسيةً كثيفةَ المعلومات، وتحفر بعمقٍ في معطيات التاريخ المرتبط بالخلافة العثمانية وأسباب سقوطها وتداعيات هذا السقوط، وتبحث في مضامين الصراعات الغربية المختلفة حول مشاريع توجيه فكرة الخلافة ونظامها في نسختها العثمانية، لترسم أطروحة الكتاب إطارًا تاريخيًّا وسياسيًّا يفسِّر الأسباب المركَّبة التي أدت إلى تداعي نموذج الخلافة الإسلامية في العصر الحديث، واستعصائه على الانبعاث مرةً أخرى منذ عام ١٩٢٤م وحتى يومنا هذا.
يثير هذا الكتاب الكثيرَ من التساؤلات البحثيَّة المهمَّة، ويُسهِم معرفيًّا في إنجاز سردية تاريخية ضرورية لفهمٍ أعمقَ لمسألة الخلافة وتطورات النظام السياسي الإسلامي في الحقبة العثمانية، ويلفت الانتباه إلى دور العوامل الخارجية الخفيَّة والظاهرة التي أسهمت في إنهاء نموذج الحكم الإسلامي الذي استمرَّ ثلاثة عشر قرنًا. ولم يكتفِ الكتاب بهذه الإسهامات فقط، بل قدَّم أيضًا عرضًا للمساعي العربية والإسلامية المختلفة التي حاولت تقديم مشاريع فكرية سياسية تُرمِّم ما فَقَده النظام السياسي الإسلامي مع سلاطين آل عثمان، أو بعد سقوط الخلافة العثمانية.
وقد اعتمدت مؤلِّفة الكتاب على عددٍ كبيرٍ ومتنوِّعٍ من المصادر والمراجع؛ فبالإضافة إلى المراجع العربية والغربية، التراثية والحديثة، اعتمدت على الأرشيف العثماني، وعلى عددٍ من المخطوطات العثمانية والمصرية، كما تتبَّعت عددًا من الصحف والجرائد التي نُشرت في هذه الحقبة.
إسمى مهيبل: أستاذة التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة الجزائر 2 (أبو القاسم سعد الله)، وحاصلة على درجة الماجستير من جامعة اليرموك بالأردن. صدر لها سابقًا كتاب «الأمير عبدالقادر الجزائري في دمشق - نشاطه السياسي والفكري (1855-1883م)»، ولها العديد من الدراسات والمقالات التاريخية المنشورة، منها: «الاستغلال البريطاني لفكرة الخلافة في الهند خلال القرن التاسع عشر»، و«العوائق الذاتية للتآزر بين قوميات المشرق في الحرب العالمية الأولى من وجهة النظر الإنجليزية (1909-1918م)».