الدساتير الثورية

تمثّل الثورة الجذرية على النظام القديم فاتحةً لمشهدٍ سياسيٍّ ودستوريٍّ جديد، ولحظةً لصعود نخب وخطابات جديدة تستند إلى الشرعية الشعبية وإلى السلطة الكاريزمية، وتفرض واقعًا سياسيًّا جديدًا تعبّر عنه دستوريًّا. إلَّا أن لحظة الثورة العاصفة لا بدَّ أن تعيد ترتيب أوراقها، آخذةً شبكات المصالح وصراعات القوى وتحولات ما بعد الثورة بعينِ الاعتبار، وهو ما يحتاج إلى دراسة متأنّية لسيرورة هذه الدساتير وما تمرّ به أنظمتها السياسية من تحولاتٍ ومفترقاتٍ عبر الأجيال المتعاقبة

يؤرخ هذا الكتاب للتحولات الدستورية الثورية في الأعوام المئة الماضية، بما فيها من محطات كبرى، كالحربَيْن العالميتَيْن، وانهيار الاتحاد السوفيتي، وتشكُّل الاتحاد الأوروبي وتراجع جاذبيته، وصعود السياسات الشعبوية. وتشمل الحالات التي يدرسها باستفاضة كلًّا من الولايات المتحدة والهند وإيران وجنوب إفريقيا وإيطاليا وبولندا وفرنسا وبورما و"إسرائيل"، ويجمع المؤلّف بإتقانٍ بين إيلاء كل حالة عنايةً تحليليةً خاصةً تتناول تحولاتها التفصيلية، وبين بناء نموذجٍ عامّ يدرس القواسم المشتركة بين هذه الحالات.