ينطلق هذا الكتاب من أنه لا يمكن اختزالُ الدين في الفقه، والفقه يلزمه فهمٌ للأخلاق، وتنزيل الفقه على الواقع يحتاج إلى أدواتٍ علميَّة كانت تتطوَّر -وما تزال- في بوتقة العلوم الإنسانية عامَّة والعلوم الاجتماعية خاصَّة. وهذا الكتاب هو خلاصات أبحاثٍ ميدانية أُجريت خلال خمس سنواتٍ لدراسة كليات الشريعة في بعض البلدان العربية في المشرق والمغرب، بالإضافة إلى ماليزيا، حيث درس المؤلِّف مكونات هذه الكليات من حيثُ مناهجها وطرق تدريسها لعلوم الشرع وعلاقة هذه العلوم بالحقول العلمية الأخرى. وانتهى الكتاب إلى أن المخرج من التقابلات الضديَّة بين هذه العلوم لن يكون إلَّا بالجمعِ بينها من خلال التحصيل العلمي المزدوج -حتى لو كان بحدِّه الأدنى- بين التكوين الشرعي والتكوين في العلوم الاجتماعية، لمحاولة بناء ذهنيَّة مزدوجة ذات نظرة متفتِّحة حول الدراسات الإسلامية والاجتماعية. ومن ثَمَّ يستهدف هذا الكتابُ المختصين في المجالَيْن الشرعي والاجتماعي، بما يقدِّمه من ملاحظاتٍ تعنيهما معًا، وهذا من شأنه أن يوفِّر أرضيةً لحوارٍ مستقبليٍّ عابرٍ للتخصُّصات.