المنطق

كثيرًا ما اختُزل تاريخ المنطق في الثقافة العربية الإسلامية اختزالًا مجحفًا، فانحصرت رحلة المنطق بين لحظة دخول هذا الوافد الجديد في عصر الترجمة، وبين لحظة إقراره بوصفه أحد علوم الآلة الضروريَّة لدراسة علم أصول الفقه وعلم الكلام. وانحصر دور المناطقة العرب والمسلمين في نقل هذا التقليد اليوناني وشرحه. غير أن الاتجاهات الجديدة في دراسة تاريخ المنطق باتت أكثر عنايةً بإبراز دور المناطقة والفلاسفة المسلمين والعرب في تطوير الأقيسة والبراهين ومنطق الجهة والشرطيات. والأهمُّ من ذلك أن رحلة المنطق لم تنتهِ مع عصر أبي حامد الغزالي، بل واصلت طريقها وقدَّمت العديد من الابتكارات اللافتة في القرون الستة السابقة لدخول العصر الحديث.
يتتبع هذا الكتاب جهود 89 مؤلِّفًا في علوم المنطق، ويثبت فهارس أعمالهم وأبرز الموضوعات والجدالات التي اعتنوا بها، متقصيًا أوجه تطور العلم والتأليف فيه ودراسته ومحل اهتمام علمائه عبر العصور والأقطار المتباينة. ويمثِّل الكتاب ببلوغرافيا واسعة تتناول أبرز أعلام المنطق في القرون الستة المدروسة. ولا تنحصر جغرافيا الكتاب في المشرق العربي، بل يتناول المؤلِّف التراث الإيراني والهندي الإسلامي والتركي العثماني وتراث المغرب العربي، بل وتراث المنطق في كتابات مسيحيي المشرق، ليقدِّم صورةً واسعةً وشاملةً لرحلة المنطق العربي في مرحلة تاريخية مُهمَلة.