قال

يتناول هذا الكتاب موضوعًا مهمًّا لم توفِّه الأكاديمية الغربية حقَّه من الدَّرْس والنظر، وهو موضوع "شرح الحديث النبوي"، ويسلك في مقاربته منهجًا مغايرًا للمعهود في الدراسات العربية الحديثة التي طرقت هذا الموضوع؛ إذ يروم تحقيق الصِّلة بين شروح الحديث والسياق السياسي والاجتماعي والفكري الذي عاش في كَنَفِهِ أصحابُ هذه الشروح وكان تأثُّرهم به أمرًا حتميًّا لا سبيل إلى الفكاك منه.  
وترتكز المقاربة التي يقدِّمها على دراسة ما وُضِعَ على "صحيح البخاري" من شروح في ثلاثة أقاليم مختلفة، وخلال ثلاثة أطوار تاريخية متباينة، مع استعراض ما أولته جماعاتُ الإسلام السياسي لشروح الحديث من اهتمامٍ في الزمن الحاضر، وتعقَّب في خلال ذلك أوجهَ الاستمرار ونواحيَ التغيير التي طرأت على هذه الشروح، بعد أن انتقل تقليدُ الشرح من عصر المخطوطات إلى عصر الطباعة ثم عصر الفيديو، ومن العصور التي كان شُرَّاحُ الحديث خلالها موصولةً أسبابُهم بالنُّخبة الحاكمة إلى العصور التي نأوا فيها بجانبهم عن السُّلطة السياسية، ومن العصور التي انتظمت بعض المرجعيات النصيَّة والمؤسسيَّة التي لا سبيل إلى منازعتها في الواقع إلى العصور التي بدا فيها من الممكن تحدِّي هذه المرجعيات نفسها.