بلغت العناية بالقرآن الكريم آفاقًا جديدةً في العصر الحديث، ولا سيما حين أدلى المستشرقون بدلوهم في هذا الحقل، وكان لهم في مقاربة قضاياه ومعالجة مسائله منهجٌ مغايرٌ لمعهود المناهج التي اتبعها العلماء المسلمون قديمًا وحديثًا. وقد بلغ الدرسُ الاستشراقيُّ لقضايا القرآن وعلومه ذروة نضجه خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، وهي الحقبة التي درج الباحثون على وصفها بـ"الاستشراق العلمي" الذي تحرَّر إلى حدٍّ ما من بواعث التحيز الديني أو القومي أو العِرقي.
ولا تخفى أهميةُ الاطلاع على ما شهدته الأوساطُ الاستشراقية والدوائر الأكاديمية الغربية في الآونة الأخيرة من جهود وافرة في دراسة النص القرآني والتأريخ له. ولذا تأتي ترجمة هذا الكتاب المرجعي الذي لا يكاد يغادر مسألةً من أصول المسائل أو قضيةً من أمهات القضايا في حقل الدراسات القرآنية إلا تناولها بالدرس والمناقشة، مخاطبًا العقل الحديث بلغة العصر الحديث. ففي أبوابٍ ثمانية تنتظم سبعة وخمسين فصلًا، عرض مؤلِّفو المرجع لكثير من القضايا المتعلِّقة بالحالة الراهنة لحقل الدراسات القرآنية، والمحيط التاريخي الذي نشأ فيه القرآن، وما يتصل بجمعه ونقله ومخطوطاته ونقوشه ومطبوعاته، ومذاهب تفسيره وتأويله، وأبعاده البنيوية والأدبية، وموضوعاته ومحاوره الكبرى العقدية والتشريعية والأخلاقية والسياسية، وغيرها من القضايا المهمَّة.
محمد عبد الحليم: أستاذ كرسي الملك فهد للدراسات الإسلامية بكلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن، ورئيس تحرير مجلة الدراسات القرآنية. من أعماله المنشورة: ترجمة إنجليزية للقرآن صدرت عن دار نشر جامعة أكسفورد.
مصطفى شاه: مدرّس بقسم اللغات والثقافات واللغويات بكلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن. ويعمل حاليًّا على تحرير "مرجع أكسفورد في الدراسات الحديثية".