تناوبَت أنظار مفكّري الحضارة على دراسة مفهوم الحضارة وأصولها، وعلى دراسة الحضارات المختلفة سعيًا إلى فهم ما تتفرّد به كلّ حضارة منها، وبحثًا في طبيعة العلاقة بينها سلمًا وحربًا وتفاعلًا وصدامًا. واشترك هؤلاء المفكّرون في الاجتهاد في معرفة قوانين حركتها ونظام صعودها وأفولها، وفي دراسة خصائص الحضارات المختلفة بحثًا عن الجامع المشترك الذي يوحّد شعوبها ودولها ويميّزهم عن غيرهم بوصفهم حضارةً ذات شخصيّة ثقافيّة.
يُقدّم هذا الكتاب مجموعةً من أبرز مفكّري الحضارة في القرن العشرين، ويتناول نظريّة كلّ مفكّر بالعرض والتحليل والنقد، كاشفًا أهمّ مقولات مفكّري الحضارة، ومبيّنًا أسباب اختلاف مذاهبهم وتباين مقارباتهم ونقاط تلاقيهم، وذلك بأسلوبٍ يمتاز بجودة العرض ووضوح الفكرة وعُمق التحليل وثراء النقد. حيث عرض المؤلّف خمس نظرياتٍ كبرى، تناولت زوايا مختلفة في مقاربة الحضارة، فتناول سؤال الحضارة والأخلاق في نظرية ألبرت أشفيترز، والعلاقة بين الحضارة والمدنية في نظرية أزوالد شبنجلر، والحضارة والتاريخ في نظرية أرنولد توينبي، كما تناول الجانب السياسي في دراسة الحضارات في نظرية صمويل هنتغتون، واختتم بتأمُّل نظرية مالك بن نبي في الحضارة والدين.