يدور هذا الكتاب حول دراسة العلاقة بين الدين والسياسية، ونشأة وتطور تلك العلاقة في أي مجتمع إنساني ومن ثمَّ استخلاص الأنساق الفكرية الحاكمة والمؤطرة لها، وما يمكن أن ينتج عن تفاعلها – الديني والسياسي- من أنساق جديدة تتجه اعتدالًا أو تشدّدًا طبقًا لظروف هذه العلاقة، وما هي المتغيرات التي يمكن رصدها فيما يتعلق بالدين عندما يدخل معترك السياسة؟
كمحاولة البعض توظيفَ الدين لإضفاء شرعية زائفة على المواقف السياسية عبر لَـيِّ عنق الرؤى الدينية لتتواءم والموقف السياسي المسبق، وفي المقابل انصياع القرار السياسي لرغبة ورؤية رجال الدين، وأثر ذلك كله على المجتمع، ومن ناحية أخرى أثره على الفكر الديني ذاته في اقترابه أو ابتعاده عن مقصده الذي أنزل من أجله.
في هذا الكتاب تأتي إسرائيل كنموذج دراسة حالة؛ إذ تجسد بشكل أقرب للمثالية كل أزمات وإشكاليات ومحددات العلاقة بين الديني والسياسي، ومن ثم انعكاس مخرجات تلك العلاقة على المجتمع الإسرائيلي من ناحية وعلى مجريات الصراع العربي الصهيوني من ناحية أخرى.
تكمن أهمية هذا الكتاب في أنه محاولة لفهم جدلية العلاقة بين اليهودية والصهيونية، ليس من منظور تاريخي فحسب، ولكن عبر التركيز على فعاليات هذه العلاقة في اللحظة الراهنة، والتي عبرت عن نفسها بقوة في شكل العلاقات بين الحركات الدينية هذه وبين الدولة الإسرائيلية، فهي علاقة قديمة حديثة.