القيود التعاقدية على الحرية الفردية للعمل في القضاء الإنجليزي

هذا الكتاب هو أطروحة الدكتوراه الأولى للعلامة القانوني د. عبد الرزاق السنهوري، التي كتبها في أحد أهم فروع العلوم القانونية، وهو “القانون المدني” الذي يُعتبر عصبَ العلوم القانونية، وقد حصل عليها من كلية الحقوق بجامعة ليون بفرنسا وهي الرسالة التي نالت الإعجاب الكبير في فرنسا، مما دعا أحد كبار فقهاء القانون العام – وهو موريس هوريو – أن يكتب تعليقًا عليها، بل ويتخذها أساسًا لنظريته الشهيرة عن النظام القانوني.

تُطبع هذه الأطروحة للمرة الأولى باللغة العربية في مركز نهوض للدراسات والنشر، ورغم أنها أطروحة الدكتوراه الأولى للعلامة السنهوري في تخصُّص قانونيٍّ أصيل، فإنها لم تلقَ الأهمية نفسها والشهرة الذائعة التي لاقتها أطروحته الثانية للدكتوراه بعنوان «الخلافة»، التي اعتبرها البعض ذروة نضج الفقه السياسي الإسلامي في ذلك الوقت.

أشرف على هذه الرسالة القانوني الشهير د. إدوارد لامبير الذي اشتُهر بإشرافه على رسائل عديدة مميزة اهتمَّ فيها بالقانون المقارن، لا سيما أنه كان مديرًا لمعهد القانون المقارن بالجامعة، وكان أبرز مَنْ أشرف على الفوج الأول من الفقهاء القانونيين المصريين الذين أعدوا رسائلهم للدكتوراه في فرنسا مقارنة بالفقه الإسلامي وبناء نظرياتٍ من داخل الفقه الإسلامي تتفاعل مع تركيب النظريات القانونية المعاصرة.

 يحتلُّ موضوع هذا الكتاب «قضية العقود التعاقدية على حرية العمل» مكانًا بارزًا في أدبيات القضاء الأنجلو أمريكي، وكذلك في القضاء الفرنسي؛ إذ إنها من بين القضايا الشائكة الخاصة بما يُسمَّى النظام العام أو ما يسميه الإنجليز السياسة العامة Public policy.

ولا غرابة في أنها تستعير من هذا المفهوم طبيعتها غير المحدّدة والمراوغة اللصيقة بها. ويبحث السنهوري فيها الجوانب العملية والعلمية للنظرية الإنجليزية للقيود على التجارة وتطبيقاتها في مجال قيمة كل من القاعدة القانونية والمعيار القانوني، ويلمس السنهوري فيها مساحاتٍ بالغة الدقة والجدة، مع استحضار البعد العالمي في مناهج تناولها، سواء على صعيد القضاء أو على صعيد الممارسة.