هل حقًّا أن المجتمع الإسرائيلي هو مجتمع معقد ولا يمكن التنبّؤ بسلوكه؟ وأنه انطلاقًا من هذه الرؤية لا يمكن الجزم بمستقبل الصراع العربي الإسرائيلي اعتمادًا على تحليل معطيات هذا المجتمع؟ ثم إن المجتمع الإسرائيلي- ككل المجتمعات الإنسانية- هو مجتمع معقّد تعقيد الظاهرة الإنسانية ذاتها؛ فلا يمكن بأية حال تحليلها في سببية بسيطة أو أن تؤدي نفس المقدمات لذات النتائج دائمًا، إن هذا يمكن أن ينطبق على العلوم الطبيعية، أما في الظواهر الإنسانية؛ فالأمر جد مختلف، وأكثر صعوبة، وهي الصعوبة التي تزداد بازدياد تعقّد هذه الظاهرة وذلك المجتمع – كما في المجتمع الإسرائيلي موضوع هذا الكتاب.
ومع هذا كله فإن دراسة المجتمع الإسرائيلي هي ضرورة ملحة، على اعتبار أنه يمكن بناء أكثر من سيناريو -وليس القطع بسيناريو واحد- لمستقبل هذا المجتمع، وبالتالي محاولة التدخل لتحقيق سيناريو بعينه، واستبعاد وتحييد الآخرين، تلك هي القيمة الحقيقية من وراء مثل هذا النوع من الدراسات، أن تنطلق من الماضي والحاضر وعينها دائمًا على المستقبل.
يحتوي الكتاب على ثلاثة فصول، يناقش الفصل الأول الرؤية العامة للنظام السياسي في إسرائيل، ويتضمن الفصل الثاني حديثًا مفصلًا عن الأحزاب الدينية الصهيونية مثل حزب المزراحي، وحزب هبوعيل همزراحي، وحزب المفدال، وحزب ميماد، وفي مقابل هذا الفصل، يعرض الفصل الثالث الأحزابَ الدينية الرافضة للصهيونية، كحزب أجودات يسرائيل، وحزب بوعالي أجودات يسرائيل، وحزب ديجل هتوراة، وحزب شاس.
ويتضمن الكتاب ملحقين، أحدهما عن المسيحية الصهيونية ودورها في صنع القرار السياسي، والملحق الثاني عن مقولات الصراع العربي الإسرائيلي.