لا يزال السعي من وراء هذا الاستعراض الشامل لتقاليد الفكر السياسي الغربية يتمثل في مقاربة المفاهيم المختلفة في هذا الحقل بهدف مساعدة القرّاء على تطوير تفكيرهم السياسي ومهارات التفكير النقدي. وقد جاء تنظيم هذا النص تنظيمًا فريدًا حول موضوعة محورية هي المجتمع المدني؛ ما طبيعته؟ ولماذا يُعد مهمًّا؟ وهو ما سيشغل الباحثين ويساعدهم في جعل المادة المقدّمة وثيقة الصلة بحياتهم. وقد جاء استكشاف آراء كبار المفكرين الواردين في هذا النص لا بهدف فهم رؤاهم فحسب، بل أيضًا من وازع الاهتمام بفهم العلاقة بين أفكارهم ومفهوم المجتمع المدني. وفي هذا يقتنع المؤلّفان ديلو وديل بأن المجتمع المدني مهمٌّ لتأمين نهج الحياة الذي يقدّره معظمنا ويرغبون في الحفاظ عليه، ذلك النهج الذي يسمح للناس بالعيش في حرية مع إضفاء أهمّية ودلالة على حياتهم.
أخرج لنا ستيفن ديلو وتيموثي ديل مرجعًا شاملاً يضع أساسًا متميّزًا في النظرية السياسية. إذ بناءً على الطبعات السابقة، يقدّم المؤلّفان بذكاء لامع معالجة شاملة ومنصفة لقانون النظرية السياسية وما وراءه. ومن خلال تطبيق التقاليد الكلاسيكية والحديثة وما بعد الحداثية في الفلسفة السياسية على مفهوم المجتمع المدني؛ وهو المفهوم الجوهري في هذا المتن، ينجز المؤلّفان ما لم تتمكّن من تحقيقه سوى نصوص قليلة؛ أي وَضْع مرجعٍ في متناول فئاتٍ مختلفة، شيّقٍ ومفيدٍ للدارسين. إنه المرجع المثالي لتعليم النظرية السياسية وتعلّمها.