دعوة إلى المشاركة في الملف البحثي "الدرس الاستشراقي المعاصر: أثر الباحثين العرب والمسلمين في الأكاديميا الغربية"

جرت العادةُ على استدعاء المفكر العربيِّ إدوارد سعيد في سياق محاولة فهم الاستشراق والإلمام بتأثيراته المختلفة؛ إذ برع سعيد في سبر أغواره مجلِّيًا لنا صورة "الشرق" بوصفها مرآة يمسكها "الغرب"؛ ليرى فيها ما يشتهي رؤيته لا ما هو كائن في حقيقة الأمر. وقد أودع سعيد خلاصة آرائه في كتابيه الذائعين "الاستشراق" (1978) و"تغطية الإسلام" (1981)، موضِّحًا كيف عمد الغربُ في مهارة فائقة إلى تشكيل فهمه وتصوره للشرق استنادًا إلى منطق القوة والغلبة، متوسِّلًا في ذلك بأفكار غرامشي عن الهيمنة، وفلسفة فوكو عن السُّلطة؛ بقصد تجلية العلاقة الإشكاليّة بين الغرب والشرق التي تتخللها طبقات معقدة من السيطرة والتسلط.
ومع ذلك، فإن الفضاء البحثيَّ في العالم العربيَّ يسوده اليوم نوعٌ من النكوص إلى عصر ما قبل "الإضاءات السعيديّة"؛ إذ تظلُّ المؤلفات والدراسات والأبحاث الجامعية، وما تدفع به مطابعُ العالم العربيّ بمعزل عن ذلك النقد العميق الذي أورده سعيد ومن جاء بعده من أعلام مدرسة "ما بعد الاستعمار"، متجاهلةً تلك الرؤى النافذة، قانعةً بعمليَّة مستمرة من الاجترار والتكرار لجملة من الموضوعات المعهودة؛ كجغرافيا الاستشراق المتعدد: الاستشراق الروسي، والاستشراق الأمريكي، والاستشراق الإسبانيّ…إلخ، ومن يقع عليهم الاستشراق: المسلمون، والأفارقة، والآسيويون…إلخ، أو التعريف بأعلام الاستشراق: جب، ووات، وبروكلمان…إلخ، وتاريخ الاستشراق من الحروب الصليبيّة إلى مؤسسات القرن العشرين...إلخ.
وبناءً على ما سبق، يحاول هذا الملفُ دعوة الباحثين إلى النظر فيما يمكن تسميتُهُ بـ"الدرس الاستشراقيّ المعاصر"، بمتابعة مستجدات البحث في هذا الموضوع، والوقوف على الخرائط الجديدة للبحث الاستشراقيِّ، مع التركيز على العالم الإسلاميّ في العموم، وعلوم الإسلام بوجه خاص، وذلك تحت المحور التالي: "أثر الباحثين العرب والمسلمين في الأكاديميا الغربية".
فمع بدايات القرن الحادي والعشرين برزت عشراتٌ من الأسماء في أروقة كليات الدراسات الإسلامية والشرقية: تنتمي إلى الإسلام ديانةً، أو ترجع في أرومتها إلى أصولٍ شرقية غير أوروبيّة؛ من أمثال: وائل حلاق، ومحمد فاضل، وأحمد الشمسي، وإلياس مهنَّا، وخالد الرويهب، وأيمن شحادة، وعويمر أنجم، وعُميد صافي، وحسين مدرّسي، وجوناثان براون، وشيرمان جاكسون…إلخ. وتثير هذه الظاهرة جملةً من الأسئلة الفرعيَّة يحسُن تقسيمُهَا إلى عدَّة محاور جزئية أو مجالات موضوعيَّة نسعى إلى بحثها داخل هذا الملف، وذلك على النحو الآتي:
1- السياق التاريخي لبروز الظاهرة
كيف برز هؤلاء الباحثون، ومن أين جاءوا؟ ولماذا؟ هل هي محاولة لتحقيق العدالة للتقاليد، أو الانتصار لديار الشرق في عالم الغرب؟ أم هي محاولة ترمي إلى إيجاد رأس مال رمزي ثقافي يستفيد من هيمنة نظرية المعرفة الغربية على التقاليد الفكرية الإسلاميَّة؟ أم هي ظاهرة طبيعية نتيجة توسع الإسلام في العالم الغربي؟
الأسئلة المقترحة:
- كيف أثَّرت موجات الهجرة والتحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها العالم الإسلامي في انتقال الباحثين العرب والمسلمين إلى الغرب؟ وهل كانت هذه الهجرة استجابة لتحديات سياسية وأزمات اقتصادية، أم انعطافة فكرية نحو فضاءات أرحب؛ طلبًا لإعادة صياغة الفكر الإسلامي؟
- كيف أسهمت أفكارُ ما بعد الاستعمار، كما طرحها إدوارد سعيد وعبد اللطيف الطيباوي وأنور عبد الملك وغيرهم، في إفساح المجال أمام نقدٍ أكاديمي للاستشراق؟ وهل وجد الباحثون المسلمون فيها أساسًا نظريًّا يُثْرِي النقاش الأكاديمي حول الشرق؟
- كيف عززت المراكز الأكاديمية الغربية، التي تُعنى بالدراسات الإسلامية، بروزَ بعض العلماء والباحثين من ذوي الخلفيات الإسلامية والعربية؟ وهل أدت هذه المؤسساتُ دورًا محوريًّا في تسليط الضوء على رؤى نقدية جديدة؟
- ما الدور الذي نهضت به البعثاتُ العلمية، عبر ابتعاث طلابنا إلى جامعاتهم واستقبال باحثيهم في جامعات العالم العربي والإسلامي، في بناء جسور المعرفة وتوسيع آفاق البحث والنقد؟
- ما الدور الذي قامت به حركات العدالة الاجتماعية في الغرب -كحركات الحقوق المدنية، ومناهضة العنصرية، والنسوية، والتحرر من الاستعمار- إلى جانب تنامي الوعي الثقافي، في إتاحة المجال لبروز باحثين مسلمين؟ وهل أسهمت هذه التحولات في إنشاء إطار نقدي يتيح إعادة النظر في الدراسات الاستشراقية التقليدية؟
2- الإسهامات الفكرية والابتكارات المنهجية
تتسم الأطر النظرية ومنهجيات البحث التي أرساها هؤلاء العلماء بسمات متميزة تُميِّزها عن النهج الاستشراقي التقليدي؛ فهي لا تقتصر على استكمال ما أسسه المستشرقون الأوائل، بل تسعى إلى تقديم رؤى نقدية جذرية تعيد النظر في أسس الاستشراق ذاتها. وتعمل هذه الجهودُ الفكريةُ على توجيه النقاشات الأكاديمية نحو قراءة جديدة تتجاوز مركزية الرؤية الغربية، مكرسةً تصورات أكثر إنصافًا وقربًا من روح النصوص الإسلامية وأبعادها الثقافية العميقة.
وفي سياق الجهود المعاصرة الرامية إلى إعادة فهم التراث الإسلامي بعيدًا عن الأطر الاستشراقية التقليدية، ينهض عدد من النماذج العملية شاهدًا على التحولات الفكرية العميقة في هذا الميدان. وتتبدَّى هذه الإسهاماتُ في عدة ميادين، من أبرزها:
- الإسهامات النقدية في البحث القرآني.
- الإسهامات النقدية في البحث الحديثي.
- الإسهامات النقدية في البحث الفقهي والشرعي.
- الإسهامات النقدية في البحث الكلامي والفلسفي.
- الإسهامات النقدية في البحث التاريخي.
الأسئلة:
- ما الأدوات الفكرية والمنهجية التي توسل بها هؤلاء العلماء في صوغ الأطر النظرية للاستشراق، حتى تجاوزوا تقاليده الكلاسيكية؟ وهل استقامت أعمالهم على نسقٍ نقديٍّ شامل يقوِّض البُنى القديمة، أم أنَّها جاءت في سياقٍ تكامليٍّ يروم التوفيق بين الرؤى الاستشراقية والتراثية؟
- إلى أيِّ مدى استطاعت هذه الجهود أن تُزلزل السرديَّات المركزيَّة السائدة، وأن تفتح للدراسات الإسلاميَّة أفقًا جديدًا؟ وما الأثر المترتِّب على هذه الإسهامات في صياغة صورة الإسلام داخل الأكاديمية الغربية؟ وهل استطاعت أن تغيِّر موقع الدراسات الإسلاميّة من الهامش إلى متن النقاش الأكاديمي العالمي، على نحو يرسِّخ حضورها ويفرض شرعيَّتَها العلمية؟
- ما أبرز النماذج النقدية التي يمكن إيرادها في هذا السياق؟ وائل حلاق وظفر الأنصاري (الفقه والشريعة)، خالد الرويهب وأيمن شحادة (البحث الفلسفي والكلامي)، جوناثان براون ومحمد مصطفى الأعظمي (التراث الحديثي)، أحمد دلال وإلياس مهنا (البحث التاريخي).
3- الحوارات الثقافية بين التقاليد
أسهم العلماء المسلمون المعاصرون في بناء حوار ثقافي وأكاديمي بين التقاليد العلمية الغربية والإسلامية، حيث نجحوا في تجاوز الحدود الثقافية وتقديم رؤى تجمع بين أسس الفكر الغربي وأصالة التراث الإسلامي. ومن خلال إسهاماتهم، أُعيد تقديمُ الإسلام من حيث هو نظام معرفي، كما صُحِّحت كثير من المفاهيم الخاطئة حوله؛ مما أسهم في إثراء النقاشات الأكاديمية وتعميق التفاهم المتبادل بين الثقافات.
الأسئلة:
- كيف أسهمت مقارباتُ هؤلاء العلماء في تقديم الإسلام بوصفه نظامًا معرفيًّا شاملًا يُثري الحوارات الأكاديمية بين التقاليد الإسلامية والغربية؟
- ما أبرزُ الاستراتيجيات التي اعتمدها هؤلاء العلماء لإزالة الحواجز الثقافية والأكاديمية بين الفكر الغربي والتراث الإسلامي؟
- كيف أسهمت جهودهم في تصحيح التصورات الغربية الخاطئة عن الإسلام، وتعزيز فهم أشمل وأدق في الأوساط الأكاديمية؟
- إلى أي مدى نجحت هذه الحوارات الثقافية في إعادة بناء الثقة بين الثقافات وإيجاد أرضية مشتركة للفكر النقدي؟
4- الآثار التعليمية والإعلامية
أحدث إدراجُ آراء وأعمال الباحثين العرب والمسلمين المعاصرين في المناهج الدراسية نقلةً نوعيةً في إدراك الطلاب لموضوعات الاستشراق والدراسات الإسلامية؛ حيث أتاح هذا التضمينُ منظورًا أكثر شمولًا واتزانًا، كاشفًا عن أفق معرفي يُسهم في تفكيك الصور النمطية الراسخة، ومن خلال هذه المناهج، أضحى الطلاب قادرين على النفاذ إلى أبعاد جديدة في العلاقة بين الشرق والغرب، مع تعميق تقديرهم للتنوع الفكري الثري الذي يزخر به التراث الإسلامي.
وفي سياق متصل، يتجلَّى دور العلماء العرب والمسلمين المعاصرين في تفاعلهم الحيوي مع الجمهور الغربي؛ إذ يشكِّل هذا التفاعلُ ركيزة أساسية لترجمة رؤاهم الأكاديمية إلى معارف مبسطة تُسهم في تحدي الصور النمطية والمفاهيم المسبقة حول العالم الإسلامي. ومن خلال ظهورهم في وسائل الإعلام ومشاركتهم في المنصات الثقافية، سعوا إلى تصحيح التصورات الخاطئة عن الإسلام وتعزيز التفاهم بين الثقافات. وقد أثمر هذا التفاعلُ أثرًا جليًّا في الخطاب المتعلق بالاستشراق والإسلاموفوبيا، وفي تمثيل الثقافات الإسلامية في الثقافة الشعبية الغربية؛ مما أسهم في إعادة تشكيل التصورات العامة نحو رؤية أكثر عدالة وإنصافًا.
الأسئلة:
- كيف أسهم إدراجُ وجهات نظر هؤلاء العلماء في المناهج الدراسية في تغيير طريقة فهم الطلاب للاستشراق وإدراكهم للعلاقة بين الشرق والغرب؟
- هل نجح هؤلاء الباحثون في تأسيس مدارس فكرية وتقاليد بحثية أصيلة، ينضوي تحت مظلتها طلاب وتلامذة يتبنون نهجها ويسهمون في تطوير رؤاها؟
- إلى أيِّ مدى نجحت هذه المناهج التعليمية في صقل المَلَكات النقدية لدى الطلاب، وتمكينهم من مقاربة قضايا الاستشراق؟
- كيف أثر تفاعلهم المباشر مع الجمهور في الخطاب الأكاديمي والإعلامي المتعلِّق بالاستشراق والإسلاموفوبيا في الغرب؟
- إلى أي مدى أفضت جهودهم إلى تغيير تمثيل الثقافات الإسلامية في الثقافة الشعبية الغربية، ودفعها نحو صورة أكثر توازنًا وإنصافًا؟
وتأسيسًا على ما تقدم فمجالات المشاركة على النحو التالي:
أولًا: سؤال النشأة: متى بدأت هذه الظاهرة وأين وصلت؟
ثانيًا: الإسهامات النقدية في التراث القرآني.
ثالثًا: الإسهامات النقدية في التراث الحديثي.
رابعًا: الإسهامات النقدية في التراث الفقهي والشرعي.
خامسًا: الإسهامات النقدية في التراث الكلامي والفلسفي.
سادسًا: الإسهامات النقدية في التراث التاريخي.
سابعًا: الإسهامات المتبادلة وكيف أثرت في تغيير الرؤية الغربية حول الإسلام؟
ثامنًا: الإسهامات العلمية والإعلامية (بين قاعات التدريس وشاشات التلفاز): دور الأكاديميين المسلمين في تصحيح المفاهيم عن الإسلام؟
تواريخ مهمَّة
- استقبال استمارة ملخص المشاركة (25/ 10/ 2025م)
- الرد على أصحاب الملخصات المقبولة (5 /11/ 2025م)
- إرسال البحوث كاملة لأصحاب الملخصات المقبولة (30/ 1/ 2026م)
- الرد على أصحاب البحوث المقبولة (1 / 3/ 2026م)
ضوابط المشاركة
- أن لا يزيد الملخص عن 500 كلمة.
- أن يتراوح حجم البحث بين خمسة آلاف (5000) كلمة وثمانية آلاف (8000) كلمة.
- يُشترط في جميع الأعمال المقدَّمة للمشاركة في الملف البحثي أن تلتزم بالضوابط العلمية والأكاديمية المتعارَف عليها.
تُرسَل الملخصات مع استمارة المشاركة https://shorturl.at/QMSOp، والسيرة الذاتية إلى البريد الإلكتروني: [email protected] أو من خلال صفحة المشاركة https://nohoudh-center.com/form/tlb-msharkt-balmwq-#no-back