المثلية الجنسية: هل المنظور الفقهي قاصر؟ (1)
باتت "المثلية الجنسية" -بحسب التسمية الشائعة- (أو اللواط بحسب الاصطلاح القديم) من الموضوعات الجدلية؛ لأسباب مختلفة، لعل أحدها تعدُّد مداخل مناقشة هذا الموضوع، فضلًا عن الأسباب الفكرية والثقافية بل والسياسية أيضًا. ويمكن أن نرصد هنا أربعة مداخل لمناقشة موضوع اللواطة هي:
• المدخل الفقهي الذي عادة ما يُختزل في الحديث عن عقوبة اللوطي، ومن ثَمَّ يصبح كل همّ المتعاطفين مع الموضوع أن يجادلوا في وسائل إثبات تلك العقوبة، وهل هي منصوصة أو لا!
• المدخل الأخلاقي الذي يختلف بحسب اختلاف المنظور الأخلاقي والثقافي لكل قوم، فقومٌ ينشغلون بـ"شذوذ" هذه الممارسة المنافية للطبيعة البشرية (كعامة التصورات الدينية)، وقومٌ ينشغلون بها بوصفها تعبيرًا عن حرية الإنسان واستقلاليته في تحديد ما يراه مناسبًا له في إشباع رغباته وميوله (التصور العلماني الليبرالي).
• المدخل الحقوقي الذي يركِّز على ما يُسمَّى "حقوق المثليين" (أو الشواذ؟) التي باتت إحدى تفريعات "حقوق الإنسان" وَفْقَ المنظور الغربي الليبرالي الذي يقوم على مبدأ الاستقلالية (autonomy).
• المدخل الطبي الذي خضع لتطورات عدَّة أدت -في نهاية المطاف- إلى تغيير توصيف هذا الميل الجنسي من كونه مرضًا إلى كونه فعلًا "طبيعيًّا".
إن كان بعض المفتين المعاصرين قد يَقصر نظرهم؛ فإن هذا أمرٌ مختلفٌ يرجع إلى نقصٍ في كفاءة المفتي نفسه لا إلى خللٍ في منهج النظر الفقهي الذي يمكن الوقوف على تفاصيله وتفريعاته في المصادر الفقهية المتنوِّعة.
ويمكن ردُّ هذه المداخل الأربعة إلى مقاربتَيْن: الأولى فقهية سأخصِّص لها هذا المقال، والثانية أخلاقية متعدِّدة التخصُّصات سأفردها بمقال لاحق أستعين فيه بمداخل متعدِّدة لبناء حجج أخلاقية حول الموقف من اللواط ومناقشة ما يُسمَّى "حقوق المثليين".
إن النظر الفقهي نظرٌ مركَّب وليس بسيطًا أو شكلي الطابع كما قد يتوهم غير المتمرس بالمصادر الفقهية، ومن ثَمَّ فلا يمكن اختزال الفقه في المنظور القانوني الذي يقتصر على بحث نوع العقوبة وما إذا كان الفعل يستحقُّ العقوبة أو لا، وما إذا كانت هذه العقوبة ثابتةً بنص القرآن أو بغيره (أي آلية استخراج العقوبة وتحديدها). فالنظر الفقهي يتناول -في الواقع- أربعة جوانب هي:
1. تقويم فعل اللواط وأنه قبيح بل فاحشة، ومستند هذا الحكم بالقبح، سواء من جهة النص أم العقل (الحكم التكليفي).
2. مرتبة فعل اللواط ضمن جنس الأفعال الجنسية: هل هو مثل الزنا أو لا؟ أيهما أفحش: الزنا أم اللواط؟ وتعليلات ذلك (مراتب الأعمال).
3. العقوبة المستحقَّة على اللواط (من حيثُ الحكم العام)، والجدل الفقهي المتعلِّق بكيفية تحديدها، هل تقاس على عقوبة الزنا أم لها عقوبة مختلفة؟ (الجانب التشريعي).
4. وسائل إثبات كون شخصٍ بعينه لوطيًّا؛ ليستحق الجزاء الدنيوي (الجانب القضائي).
فنحن إذن أمام تصوُّر مركَّب وشامل لأبعاد مختلفة تتصل بتقويم الفعل ومصادر إثبات قبحه، والعقوبة المترتبة عليه وكيفية إثباتها. وحديثي هنا إنما يستند إلى المنهج والإرث الفقهي الثري، وإن كان بعض المفتين المعاصرين قد يَقصر نظرهم؛ فإن هذا أمرٌ مختلفٌ يرجع إلى نقصٍ في كفاءة المفتي نفسه لا إلى خللٍ في منهج النظر الفقهي الذي يمكن الوقوف على تفاصيله وتفريعاته في المصادر الفقهية المتنوِّعة، وبهذا المعنى ثمة تداخل بين الفقه والأخلاق في هذا الموضوع.
ومن جهة المنهج، ليس ثمة ما يُعاب في المنظورات المتخصِّصة، طبية كانت أم فقهية أو غير ذلك؛ لأن للعلوم وظائفَ تفرضها طبيعتها، ومن دون احترام هذه الحدود لا يغدو معنى لهذه التخصُّصات ولا يعود ثمة خصوصية لكل فنٍّ من فنون المعرفة. ولكن قد ينشأ الإشكال من جهة الاكتفاء بتخصُّص واحد في معالجة القضايا المركَّبة أو متعدِّدة التخصُّصات، أو استثمار أحد هذه التخصُّصات لإلغاء الآخر؛ فلا يصح مثلًا الاكتفاء بالجانب القانوني (العقوبة الدنيوية) للواط؛ لإبطال أهمية النظر في المستوى النفسي والطبي لها، كما لا يجوز استثمار الجدل الفقهي القديم حول نوع عقوبة اللوطي للتطبيع مع فعل اللواط نفسه؛ فليست كل الفواحش أو الكبائر محلًّا للتقاضي، بالرغم من كونها فواحش، ومن ثَمَّ فلا يجوز أيضًا الخلط بين الإقرار بحرية اختيار الأفراد للمعصية (سلوك خاص) وبين السعي لجعل تلك المعصية فعلًا أخلاقيًّا وفرض الاعتراف بها في الفضاء العام (المجاهرة وجعل المنكر معروفًا). وفيما تبقى من المقال، سأناقش الجوانب الفقهية الأربعة المشار إليها سابقًا.
ففيما يخص الجانب الأول الخاص بتقويم فعل اللواط، نجد أن اللوطية فعلٌ مذمومٌ، وقد سمَّاه الله تعالى في القرآن فاحشة، كما سمَّى الزنا فاحشة: (ولُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ)، كما اعتبره نبي الله لوطٌ فعلًا مخزيًا: (فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي)، كما حكى الله على لسان قوم لوط أنهم إنما نقموا على نبيهم وآله أنهم (أناس يتطهرون)، فقال: (أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) أي من الفاحشة.
وقد اتفق الفقهاء على أن اللواط مُحرَّم؛ لأنه من أغلظ الفواحش، وقد ذمَّه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: "لعن الله مَنْ عمل عملَ قوم لوط" قالها ثلاثًا. وقد وردت عدَّة أحاديث في لعن فاعل اللواط في كتب السُّنن وغيرها وصحَّحها بعض الأئمَّة، وهي لكثرتها يؤيد بعضها بعضًا وأوصلها بعضهم حد التواتر المعنوي، ولا سيما أنها واردة على أمر قطعي بالنص ومعلوم من الدين بالضرورة.
ثم إن عددًا من العلماء قد أفردوا اللواط بالتصنيف، منهم: أبو بكر الآجري (ت360هـ) الذي صنَّف رسالة في ذم اللواط، وقد ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت852هـ) في قائمة مروياته مجلسًا من حديث الإمام أبي الشيخ الأصبهاني (ت369هـ)، ثم قال: "أكثره في ذم اللواط"، وكان قد قرأه على فاطمة بنت محمد بن المنجا عن شيوخها إلى أبي الشيخ، وممَّن صنف في ذم اللواط أيضًا: أبو محمد الهيثم بن خلف الدوري (ت307هـ) الذي صنَّف رسالة سمَّاها "ذم اللواط وما روي في التشديد والنهي عنه"، وأبو عمرو عثمان بن عبد الله بن إبراهيم الطرسوسي (ت401هـ) الذي صنَّف رسالة في "تحريم اللواط"، وقد أحال إليها ابن قيم الجوزية في كتبه، وصنَّف فيه أيضًا جمال الدين بن المِبْرد (ت909هـ) رسالة سمَّاها "التوعد بالرجم والسياط لفاعل اللواط"، وصنَّف محمد بن طولون الدمشقي (ت953هـ) رسالة سمَّاها "شد الرباط في ذم اللواط".
ويبدو أن التصنيف في ذم اللواط قد استمر إلى وقت متأخر، فهذا أبو الفضل محمد بن سالم السفّاريني الحنبلي (ت1188هـ) قد صنف فيه كتابه "قرع السياط في قمع أهل اللواط"، ويمكن أن نقرأ في هذه المصنفات المفردة -ولم أحصها هنا- عدَّة أمور:
الأول: أن ذم اللواط كان جزءًا من الحفاظ على الأخلاقيات العامة التي هي جزءٌ من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولتجنُّب إشاعة الفاحشة التي أدى شيوعها والمجاهرة بها إلى إهلاك قوم لوط أجمعين.
الثاني: أن بيان تحريم اللواط وقبحه كان جزءًا من تقليد علمي مستمر، الأمر الذي لم يتجلَّ في التصنيف فقط، بل في قراءة هذه المصنفات بالأسانيد المتصلة إلى مؤلفيها كما رأينا مع ابن حجر وغيره.
الثالث: لا يمكن نفي احتمال وجود حاجة اجتماعية وأخلاقية لهذا التصنيف المتكرر، فممارسة هذه الفاحشة -ولو على نطاق ضيق- ربما دفعت هؤلاء العلماء أو بعضهم إلى واجب التذكير بأحكام الشريعة فيها لتضييق نطاقها ونبذها، أي إن هذه التصنيفات كما تدلُّ على الجانب المعياري المتواتر تاريخيًّا، قد تدلُّ كذلك على جانب الممارسة التاريخية لهذه الفاحشة. ومع ذلك، لا يمكن استخدام أحد هذين الجانبَيْن لإبطال الآخر، فرصد وجود الممارسة تاريخيًّا شيء (الجانب الوصفي)، وتقويمها وإدانتها (الجانب المعياري) شيء آخر؛ فالممارسة بقيت في إطار الانحراف وارتكاب الفاحشة ولم يتم التطبيع معها على خلاف الأمر المستجد في عصرنا، وهو تلك المحاولات الحثيثة لإخراجها من كونها فاحشة إلى اعتبارها فعلًا طبيعيًّا ومعترفًا به أخلاقيًّا، بل محاولة فرض القبول بها بل وتجريم إدانتها أيضًا، أي بات ثمة ما يشبه حركة نضالية من أجل التطبيع معها، والمجاهرة بها، والترويج لها، وهو ما يشكِّل صراعًا على أخلاقيات المجال العام.
أما فيما يخص الجانب الثاني من الجوانب الأربعة، وهو وزن فعل اللواط بالنظر إلى الزنا وتعليلات ذلك، فقد اختلف الفقهاء في أيهما أشد تغليظًا: الزنا أو اللواط؟ فمَنْ رأى أن الزنا أشد قال: إن مفاسده لا يتحقَّق مثلها في اللواط وإن العلماء اتفقوا على حد الزنا بينما اختلفوا في حد اللائط. ومَنْ رأى أن اللواط أشد قال: إن جنسه لم يَحِل قطّ، وإن فيه إذلالًا للذكور وإبطالًا لشهامتهم. وقد رجَّح الإمام سراج الدين البلقيني الرأي الأول، في حين أطلق الإمام العز بن عبد السلام الخلاف ولم يرجح.
ليس ثمة خلاف في كون اللواط فاحشةً تستحق العقوبة الدنيوية فضلًا عن الأخروية، ولكن وقع الخلاف في تحديد شكل العقوبة الدنيوية.
أما الجانب الثالث، وهو العقوبة المستحقة على اللواط، فيمكن حصر أقوال العلماء فيه في ثلاثة هي:
القول الأول: أن عقوبته مثل عقوبة الزنا (الجلد للبكر والرجم للمحصن)؛ لأن اللواط مثل الزنا صورة ومعنى. وهذا هو المشهور من قولي الشافعي ورواية عن أحمد بن حنبل، وهو قول تلميذي أبي حنيفة: أبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني، وقول الأوزاعي وأبي ثور، وهو مذهب التابعين من أمثال سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وقتادة.
القول الثاني: التعزير؛ لأمرين: أن اللواط ليس بزنا؛ فإن له اسمًا يخصه، والأسماء الشرعية (مثل الزنا) لا تثبت بالقياس. وأن الحكمة في الأصل (الزنا) تختلف عن الحكمة في الفرع (اللواط)؛ فالزنا يُفسد النسل ودواعيه آكد؛ لأنه من الجانبين، فلا يلحق اللواط به، فلا هو هو ولا يقاس عليه، وهذا مذهب أبي حنيفة.
القول الثالث: الرجم للفاعل والمفعول به إذا كانا مكلفين، وهو مذهب مالك، ورواية عن أحمد بن حنبل، وأحد قولي الشافعي. وهو مذهب الصحابة؛ كعلي بن أبي طالب، وابن عباس، وجابر بن زيد، بل حكى القاضي عياض وابن القصار وابن قدامة وابن تيمية وغيرهم اتفاق الصحابة على هذا، وهو مذهب بعض التابعين من أمثال محمد بن شهاب الزهري، وربيعة الرأي، وغيرهما.
وليس ثمة خلاف في كون اللواط فاحشةً تستحق العقوبة الدنيوية فضلًا عن الأخروية، ولكن وقع الخلاف في تحديد شكل العقوبة الدنيوية كما ترى، وسبب الخلاف في تحديدها يرجع إلى عدَّة أمور:
الأمر الأول: النظر في الأدلة من القرآن والحديث النبوي. فالقرآن حكى عن قوم لوط في عدَّة سور استباحة اللواط والمجاهرة به، وكيف أن عقوبتهم كانت مغلظة بأن جعل عليهم قريتهم عاليها سافلها، وهذه لا تكون إلا للفواحش المغلظة، وقد سمَّاها القرآن فاحشة، ووصفتها السُّنة النبوية بأنها "زنا"، وفي بعض الروايات ورد الأمر بلعن فاعليها، فتكون عقوبة الفاعل كعقوبة قوم لوط (الرجم).
في حين رأى آخرون أن العقوبة هي التعزير، ويمكن أن يُستدلَّ لهم بالمأخذ الذي ذهب إليه أبو مسلم الأصفهاني في قوله تعالى: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ، فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا. واللَّذان يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً). فقد رأى أن المراد بـ(اللاتي يأتين الفاحشة من النساء) المساحقات، وأن المراد بـ(اللذان يأتيانها) من الرجال باللائط والملوط به، وذهب بعض المفسرين إلى أنها في الزنا واللواط جميعًا، بل إن الشيخ محمد عبده رجَّح قول أبي مسلم في الآيتَيْن. قال رشيد رضا: "وهو يوافق قول من قالوا: إن عقاب اللواطة التعزير، ولكن بما فيه إيذاء".
الأمر الثاني: خلافهم في مسائل أصولية تتعلَّق بالقياس واختلاف جنس المصلحة بين الأصل المقيس عليه والفرع المقيس، وهل يقع القياس في الأسباب (كالإيلاج في فرج مشتهى طبعًا محرم شرعًا) والأسماء الشرعية (كألفاظ الزنا والخمر ونحوها)؟
الأمر الثالث: خلافهم في تقويم المصالح والمفاسد المترتبة على الزنا واللواطة، ويدور الكلام بين جهتَيْن:
الجهة الأولى: تغلّب صورة الفعل، والنظر إلى القدر المشترك بين الفعلين بجامع الصورة والمعنى العام (إيلاج في فرج محرّم مشتهًى طبعًا) بغض النظر عن بعض الفروق التفصيلية التي قد تبدو بين الفعلين؛ لأنهم رأوها غير مؤثرة؛ فكلاهما يؤدي إلى فساد النوع الذي به العمران.
الجهة الثانية: التفريق بين اللواط والزنا؛ فاختلاف التسمية يقتضي اختلاف المسمى واختلاف المعنى، أي جنس المصلحة بين الزنا واللواط. فالمصلحة من تحريم الزنا هي دفع محذور اختلاط المياه واشتباه الأنساب المفضي إلى تضييع المولود. أما اللواط فيؤدي إلى عدم الولادة بالكلية، ويفضي إلى انقطاع نسل جنس الإنسان، ومن ثَمَّ فالمصلحة من تحريم اللواط هي صيانة النفس عن رذيلة اللياطة نفسها؛ لأنها فاحشة وإفساد للطبع والفطرة.
أما ما يتعلَّق بالجانب الرابع، وهو طريق إثبات الفاحشة ومن ثَمَّ إيقاع العقوبة على الفاعل، فهذا لا يتم -في التصور الفقهي- إلا ضمن إطار قانوني يتولاه القضاء الذي يختص -وحده- بمراقبة وسائل إثبات اللواط في الحالات المعينة، وتتلخص في الإقرار أو الشهادة، ويختلف عدد الشهود بناءً على اختلاف الفقهاء في تحديد نوع العقوبة، فمن عدَّ اللواط مثل الزنا أوجب له ما أوجب للزنا وهو أربعة شهود، ومن رأى أنه معصية دون الزنا اشترط له شاهدين فقط. ثم في حالة عدّه مثل الزنا، فإن اتهام أحد باللواط من دون توفر الشهود يتحقَّق فيه حد القذف.
هكذا تتضح أبعاد النظر الفقهي وتركيبيته، وكيف أنه يشمل جوانب أربعة: الحكم التكليفي، ومراتب الأعمال والموازنة بينها، والجانب التشريعي العام، والجانب القضائي، بما يتجاوز بعض المنظورات الضيقة أو القاصرة التي قد تضخم جزئية من الجزئيات وتجعلها هي المُعبّر عن النظر الفقهي.