العلاقات الدولية في الإسلام

قراءات - العلاقات الدولية في الإسلام

مقدمة

يُعَدُّ هذا الكتاب -الذي أبدعه محمد حميد الله، وترجمه الأستاذ الدكتور محمد سراج والدكتورة وفية حمودة، وقام على إخراجه مركز نهوض للدراسات والبحوث- من الكتب المتطورة في رسم معالم القانون الدولي الإسلامي، الذي يعني في أبسط تعريفاته: الأحكام الخاصة بالعلاقات بين الدول، فقد تخطَّت دراسته كتابات كثيرة ظلت تدور في فلكِ تسامح الإسلام في علاقاته مع الآخرين دون أن تبرز أُسسه ونظرياته في هذا الحقل، بوصفه نظامًا يراعي مصالح الدولة التي يُطبق فيها.

فالكاتب ينفذ إلى كثير من التفصيلات التي لم ينتبه إليها كثيرٌ من الكُتَّاب، وقد ساعده على ذلك سَعة اطلاعه، وتنوُّع ثقافاته، ومعرفته بلغات كثيرة، والاعتماد على أدبيات كثيرة للفقه لا تزال مخطوطة. كما أنه من جهة ثانية يردُّ الاعتبار للقانون الدولي الإسلامي -خاصَّة- بعد أن اعتادت كتب تاريخ القوانين التأريخَ لهذا الفرع منذ بداية اليونان، مرورًا بالرومان، ثم يقفزون قفزة قوية إلى العصر الحديث، ناسين أو متناسين ألف عام أو يزيد من تاريخ البشرية، قضاها الإسلام متربعًا على كرسي الخلافة، مؤثرًا ومتأثرًا بالحضارات التي احتكَّ بها سلمًا وحربًا.

وأظن أننا بحاجة في هذه المقدمة لأن نفصح للقارئ عن مؤلِّف الكتاب، ومنهجه، والقضايا التي تناولها إجمالًا، وأهمية ما تناوله وهدفه.

محمد حميد الله

وُلِدَ محمد حميد الله في الهند عام 1908م لأسرة مسلمة، اشتهرت بحبِّ القرآن ودراسته. عمل مديرًا في قسم الماليات العامة، وأنشأ مصرفًا ماليًّا لا يتعامل بالربا. وقد جمع حميد الله ثقافاتٍ متعدِّدة ودراساتٍ متباينة أسهمت في إخراج مؤلفات جادة، حيث إنه: أتقن 17 لغةً، ودرس في دار العلوم والجامعة العثمانية، وحصل على ماجستير في القانون الدولي، وحصل على الدكتوراه في ألمانيا وموضوعها "مبدأ الحياد في القانون الدولي الإسلامي"، وحصل على الدكتوراه الثانية من السربون وموضوعها "الدبلوماسية الإسلامية في العصر النبوي والخلافة الراشدة"، وكتب "مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة"، وترجم صحيفة "همام بن منبه"، وترجم معاني القرآن للغة الفرنسية، واشترك في تحرير موسعة دائرة المعارف الإسلامية والأطلس الكبير للأديان باللغة الفرنسية؛ وحقَّق سيرة ابن اسحاق، وكتب "محمد رسول الله" باللغة الإنجليزية، وكتب "أول دستور مكتوب في العالم" تحليلًا لدستور المدينة.

محمد حميد الله

محمد حميد الله

وقد عُرف حميد الله بزهده الشديد؛ حيث رفض جائزة الملك فيصل، وعُرف بإنفاقه على المؤسسات العلمية خدمةً لدينه. أقول: إن هذه المؤلفات والمؤهلات تمكَّنت من تطوير هذا الحقل -خاصَّة- بعد أن كثرت الكتابات في الجانب الجنائي، والتجاري بصورة أكبر من الناحية السياسية للإسلام، حتى وإن كُتبت كتابات في هذا الجانب، فهي تتَّسم بالتركيز على الجانب الأخلاقي غير موغلة في الجانب الإجرائي والتطبيقي، مع قلَّة المقارنات بالنُّظُم الأخرى في العديد منها، وهذا أمر في غاية الأهمية؛ لينكشف لنا بجلاءٍ الدور الذي لعبه القانون الدولي الإسلامي في تدويل المجتمع الإنساني.

كما تُسهم هذه الدراسة في ردِّ العدالة والإنسانية إلى القانون الدولي، بعد ما اتسع الصراع الإنساني، وزادت الحروب، وتفشَّت المجاعات، وكثر اللاجئون، فكان لا بدَّ من وجود قانون دولي يحفظ للإنسان كرامته، ويؤسِّس مقعدًا للعدالة نحتكم إليه، دون النظر لاعتبارات عِرقية أو جنسية، وأظن أن الفقه الإسلامي -دون تعصُّب- هو القادر على تحقيق كل هذه الأمور.

الهدف من الكتاب

سنجد أن الهدف هو تقديم صورة منظَّمة عن الدور الذي قام به الفقه الإسلامي في العلاقات الدولية، وتوضيح فلسفته في هذا المضمار، فالفقه قائمٌ على فروع جزئية، ولربما تجد مسألةً في غير بابها، فأتى هذا الكتاب ليجمع النصوص الشرعية، والآراء الفقهية المتعلِّقة بالأَسْر والحرب والسلم، والكتب التي هي مظنَّة الحديث عن هذا الباب، ككتب السِّيَر، والجهاد، والترجمات؛ ليستخلص منها نظرية واضحة عن القانون الدولي الإسلامي، ولا يكتفي بهذا الحدّ، بل يطوّع لغة الفقه التراثية لمصطلحات القانون الدولي.

منهج الكتاب

كان منهج الكاتب منهجًا تحليليًّا استنباطيًّا، من خلال جمع كل الوثائق المتعلقة بالموضوع، ثم استنباط ما تشير إليه في مجموعها، فالرجل لا ينظر إلى الحادثة الجزئية، أو الدليل الجزئي، بل يحاول أن يجمع الجزئيات؛ لتعطي تصورًا عامًّا، وتكشف له مقصدًا ما من مقاصد الشارع في هذا الحقل، وهذه الدراسات من أنجح السُّبل في إبراز التصورات العامَّة للفقه الإسلامي، خاصةً أنه لا يعتني بحشد الآراء الفقهية، بل يعتمد مباشرةً على الرأي الذي يعبِّر عن مبادئ متطورة، وقِيَم سامية ومناسبة للفلسفة الإسلامية التي تعتمد على فكرة العدالة كحجر زاوية في جانب العلاقات الدولية.

كما أن منهجه من زاوية أخرى قائمٌ على ربط الأحكام المدوَّنة في هذا الفقه بالمعايير التشريعية والإنسانية الراقية؛ لينفذ إلى المنهج المقارن، بعد ما وضع الحضارات أمام بعضها؛ ليبرز ما بينها من تشابه فيقوّيه، وما بينهما من فروق فيرجّح بينهما، مستهدفًا تفعيل دور القانون الدولي الإسلامي؛ ليقوم بمهمته الأساسية وهي: تحقيق التعاون الدولي للنهوض بالإنسانية، وتخفيف ويلات الحرب وجعلها أكثر إنسانيةً، وأكثر إقناعًا حين تقوم -خاصَّة- بعد ما أصبحت القوانين الدولية في مجملها تستهدف إعلاء دول وعروق وجنسيات على حساب أخرى.

مخطط الكتاب وقضاياه

لقد استطاع الكاتب أن يقرِّب لغة الفقه من اللغة التي يفهما القانونيون؛ فجاء كتابه مقسمًا إلى مقدمة وثلاثة أبواب.

تناول في الباب الأول: ماهية هذا الحقل، والكتابات المبكِّرة فيه، وإسهامات الفقهاء فيه، مع بيان استقلالهم فيه عن أي فكر آخر، والدعوة إلى بيان تأثيرهم في كُتَّاب القانون الدولي الكبار، أمثال هوغر وألبريكو.

وتناول في الباب الثاني: السلم، والشخصية القانونية التي تتمتَّع بها الدولة، وطبيعة العلاقة بين الدول الإسلامية وغيرها في هذا الظرف. وتناول في الباب الثالث: الحرب، بدايةً من طبيعتها وأسبابها، مرورًا بتوضيح الإجراءات الاستثنائية التي تفرضها على الدولة الإسلامية، والآثار المتربتة عليها من طبيعة العلاقات التجارية، والمعاهدات الدولية، مع ذكر خططها، وأزيائها، وأخلاقياتها، إلى أن يصل إلى نهايتها وأسباب توقفها.

وتناول في الباب الرابع: فكرة الحياد، وكيفية صعود هذا المصطلح على الساحة العلمية، مع تحليل دقيق لوثائق الحياد في فترة الخلافة الراشدة، وما استتبعها من استنباطات فقهية شكَّلت الفلسفة الإسلامية في هذا الحقل. وخُتم الكتاب بمجموعة وثائق متفرِّقة، تفصح عن النشاط السياسي للدولة الإسلامية في مهدها[1].

أهمية الكتاب

  1. إبراز التصورات العامَّة للفقه في السياسة الدولية مع إيضاح معالم العمل السياسي النبوي في بواكيره[2].
  2. جمع أكبر قدر من الوثائق والمعاهدات التي جرت في عهد النبوة، مع تقديم منهج مُحكَم في تحليلها، وكـأنه يقدِّم سيرة موازية ومُكمِّلة لسيرة المغازي.
  3. الربط بين مصطلحات الفقه الإسلامي والقانون الدولي.
  4. العمل على توليد مصطلحات جديدة مبنية من الفروع الفقهية التي تدلُّ عليها، مثل: دستورية المدينة، ودولة المدينة، والحياد، التجنيد النسائي، والحظر التجاري.
  5. إبراز المظلة الأخلاقية والأُسس الحضارية التي قام عليها الفقه الإسلامي، وساعد من خلالها في تطوير العلاقات الدولية.
  6. إبراز دور الحضارة الإسلامية في وضع لبنة ليست بالصغيرة في صرح هذا العلم -خاصَّة- بعد أن تعمدت الكتابات إهمال هذا الدور للفقه الإسلامي، وقد تمكَّن حميد لله من ملء هذا الفراغ، حتى وقف على دقائق لا يهتمُّ بها الكثير مثل: تنظيم الجيوش، وزيها، وخططها، وشكل الصكوك، والمعاهدات، وغيرها من التفصيلات الصغيرة التي تجتمع لتعطي تصورًا عميقًا عن طبيعة الفقه وفلسفته.
  7. إعادة ثقة الجيل الحاضر بالفقه الإسلامي بعد ما زعزعت صورتَهُ قوى الغرب، وجعلته مجرَّد طقوس دينية أو نصوص تاريخية لا تجد مجالًا للتطبيق.
  8. رسم نظرية كبيرة عن الحرب -كانت مبعثرة في كتب الفقه- بداية من صور الأخطار بها مرورًا بكيفية ممارستها؛ لينتهي إلى آثار اندلاعها على العلاقة بين الدولتين، وموجبات إيقافها؛ فكانت نظرية متسقة، تتناسب مع الذوق العام في الكتابة والبحث.

أبرز القضايا التي يثيرها الكتاب

في الحقيقة، لقد أثار الكتاب مجموعة كبيرة من القضايا المهمة، ولعل أهم ما يجب أن نلفت إليه القارئ هي الموضوعات التالية:

القضية الأولى: ميلاد هذا العلم وتطور مصطلحاته عبر تاريخ الفقه الإسلامي وأصوله

لقد تمكَّن حميد الله بنَفَسه الطويل أن يتتبع تطور مصطلح القانون الدولي، والدراسات حوله، وفق التدرج التالي:

المرحلة الأولى: عبرت فيها الأدبيات الإسلامية عن القانون الدولي بمصطلح "السِّيَر" ككلمة عابرة في التراجم التي تناولت سيرة الرسول ﷺ والغزوات. وكان أول من استخدم هذا المصطلح ابن هشام في سيرته، وابن حبيب في كتابه "المحبر"، وابن سعد في طبقاته، وغير ذلك من المصادر التي اعتمد عليها.

المرحلة الثانية: كثر استخدام كلمة السِّيَر في أبواب الفقه، فأبو حنيفة أولُ من أدرج مصطلح "السِّيَر" على المسائل الفقهية والدروس التي ألقاها، وتعلَّقت بقوانين الإسلام في السلم والحرب، وأصبحت تتناول بهذه الصورة في كتب الفقه كعنوان مستقل للتعبير عن القانون الدولي؛ أي إن الكلمة العابرة في المرحلة الأولى صارت هنا ذات مدلول واضح ومصطلح متعارف.

المرحلة الثالثة: المؤلفات المستقلة، فبعد أن كثرت هذه المسائل، جمعها المؤلفون في أسفار مستقلة، فظهر كتاب "السير الكبير والصغير" لمحمد بن الحسن الشيباني، و"سير الوازعي"، و"سير الواقدي"، مما يدلُّ على أن هذ المصطلح أصبحت له دلالة واضحة على القانون الدولي، وتجاوزنا فيه المرحلة الأولى التي كان يُعبّر فيها عن غزوات الرسول ﷺ فقط. يقول السرخسي: "اعْلَمْ أَنَّ السِّيَرَ جَمْعُ سِيرَةٍ وَبِهِ سُمِّيَ هَذَا الْكِتَابُ؛ لِأَنَّهُ بَيَّنَ فِيهِ سِيرَةَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُعَامَلَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَمَعَ أَهْلِ الْعَهْدِ مِنْهُمْ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَمَعَ الْمُرْتَدِّينَ الَّذِينَ هُمْ أَخْبَثُ الْكُفَّارِ بِالْإِنْكَارِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَمَعَ أَهْلِ الْبَغْيِ الَّذِينَ حَالُهُمْ دُونَ حَالِ الْمُشْرِكِينَ وَإِنْ كَانُوا جَاهِلِينَ وَفِي التَّأْوِيلِ مُبْطِلِينَ"[3].

المرحلة الرابعة: التوسُّع في المسائل التي يناقشها كتاب السِّيَر فشملت: علاقة الدول المستقلة ببعضها، والدول منقوصة السيادة، والثوار، وقطاَّع الطرق، والأجانب المقيمين في دار الإسلام، والمسلمين المقيمين في الدول غير المسلمة، والمرتدين، وأهل الذمَّة وأصحاب الامتيازات منهم، أي إن مدلول المصطلح بعد ما تحدَّد قد اتسع عن المرحلة السابقة.

 وهنا حقيقة جادة هي أن أوروبا قبل عام 1856م لم يكن لديها أيُّ قانون دولي، وأن البداية الحقيقية لم تكن عندهم، بل كانت في رحِم الدول الإسلامية، حيث اعترف الإسلام بالحقوق والواجبات للآخر، ووضع ضوابط الحرب والسلم، وحدَّد معالم التعامل مع الأسرى، وبدأ يتبلور هذا العلم بصورة تطبيقية إبان الدولة الأيوبية عندما كان هناك احتكاك واقعيٌّ بالأمم الأخرى عبر الحروب والمعاهدات.

ولا يكتفي الكاتب عند هذا الزعم، بل حاول جاهدًا تتبُّع هذا التكوين من النشأة حتى التطور والازدهار، ويرجع الفضل الأكبر في ذلك لعمل الفقهاء في ظل مستجدات لا يمكن ضبطها من خلال الأحكام المنطوقة وحدها، فالتشريع نفسه حوى نصوصًا تُعين على الاجتهاد دفعت الفقهاء إلى استخراج أقصى ما فيه؛ فكوَّنوا نظامًا كاملًا يفي بحاجات العصور.

المرحلة الخامسة: مصطلح القانون الدولي الإسلامي، وقد ظهر هذا المصطلح على أيدي العلماء الذي كان لهم نظرٌ في النُّظُم القانونية، ومقارنتها بالفقه الإسلامي، ولا شكَّ أن حميد الله كان واحدًا ممن ساعدوا في توطين هذا المصطلح في البيئة العربية.

أما عن أصول هذا العلم: فإن القانون الدولي الإسلامي قد تكوَّن من عدَّة مرتكزات تمكَّن حميد الله من لمِّ شتاتها؛ لتصبح كلًّا متماسكًا، ولولا الثراء الذي احتوى عليه الفقه ذاته لَما خرج القانون الدولي في هذه الحلَّة البديعة، وتلكم الروافد والأصول التي نظمها حميد الله في سلك واحد، وهي:

  1. النصوص العامَّة من القرآن والسُّنة: فقد احتوى القرآن على نصوص عامَّة كانت المعيار الذي انبثقت منه واحتكمت إليه الأصول الأخرى التي سيأتي ذكرها، ومنها قوله تعالى: {لَاۤ إِكۡرَاهَ فِی ٱلدِّینِۖ قَد تَّبَیَّنَ ٱلرُّشۡدُ} [البقرة: 256]، وقوله تعالى: {وإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ} [الأنفال: 61]، ومن السُّنة تُعَدُّ كل المعاهدات التي أبرمها الرسول ﷺ ووصاياه في الحرب والسلم من الأصول التي بُني عليها هذا الحقل، ولا يتسع المقام لبسطها.
  2. عمل الصحابة: لا شكَّ أن عمل الصحابة كان أحد الروافد المهمة لقانون العلاقات الدولية خاصةً إذا عرفنا أنه أحد الأدلة المعتبرة عند بعض المذاهب، ومن ثَمَّ يتسع النطاق الذي نستقي منه مادتنا؛ فلا يشتمل على القول بل الفعل أيضًا، وتمثِّل كتب تراجم الصحابة -خاصةً القادة السياسيين منهم- منبعًا مهمًّا لتشكيل القانون الدولي الإسلامي.
  3. تصرفات القضاة المسلمين: التي اشتملت على ما يُعرف في العصر الحديث بالسوابق القضائية، مثل كتاب "ولاة مصر وقضاتها" للكندي، و"الفتاوى العالمكيرية"، وغيرها من المراجع الثريَّة.
  4. عمل الفقهاء: من خلال استنطاق النصوص للكشف عن مقاصدها ومضماينها، ومن ثَمَّ بلورة أحكام تحقِّق المقصد الشرعي، وتلبّي الحاجة الواقعية، وتكتسب صفة القدسية عند مُتبعيها. فلا نجد مدونة فقهية خلت من أحكام القانون الدولي بعد أن طرق أبو حنيفة هذا الباب، وقد شكَّلت هذه الآراء منبعًا ثريًّا للقانون الدولي الإسلامي. وإن هيكل النظام الفقهي كله كان يمكن أن يضيع لو وقف الفقهاء عند منطوق النص، ولم يتوغلوا في فحواه وإشاراته؛ فقد أدرك الفقيه رغم بدائية العصر -ولا أقول بدائية الفكر- أن هذا التشريع ممتدٌّ عبر حقب زمانية إلى أن يرث الله تعالى الأرض وما عليها، فكشف -ولا أقول وضع- عن المنهج الذي يُمكِّن هذا الفقه من البقاء رغم محدودية نصوصه، ولولا هذه الهندسة الفكرية لعلم أصول الفقه، لأصبح وضع الفقه صعبًا في العصور الحالية. ويكفيك أن تقرأ الكتاب الذي بين أيدينا، لتدرك كيف أسَّس الفقهاء علمًا بأكمله دون أن يخرجوا مقدار أنملة عن فلسفة الإسلام، أو أن يقصروا في واجبهم نحو واقعهم.
  5. الأعراف: التي اعترف الفقه الإسلامي بها دليلًا من أدلته، وأداة طيِّعة لتطويره، فأي نظام قانوني لا يستطيع أن يقدِّم إرشادًا لكل التفصيلات، فجاء العرف ليسدّ هذه الثغرة طالما لا يتدابر مع ثوابت هذا النظام وفلسفته. وينبِّه الكاتب على أن اختلاط العرب مع الحضارات الأخرى قد فرض عليهم أعرافًا تشكَّلت في غير البيئة الإسلامية، وقد دخلت إلى جسم الفقه من باب مقتضى الحال والملاءمة، وهي أعراف استرشادية غير مُلزِمة.
  6. المعاهدات والاتفاقات والتشريعات الدولية: التي جرت على مدار تاريخ الدول الإسلامية، بل وعلى مدار تاريخ الإنسانية بعد الإسلام؛ لأن اتفاق الجمّ الغفير عليها -مع عدم تعارضها مع التصور الإسلامي- دليلٌ على جديتها، فهي تُدرج من باب العمل بالمصالح المرسلة أو الاستحسان[4]. فمعاهدة الحديبية تُعَدُّ سابقة للشروط التي قد لا تكون مناسبة في ذاتها، لكنها مقبولة بالنظرة الشاملة إلى المصلحة النهائية للجماعة. بل يتسع هذا الرافد ليشمل المعاهدات والقوانين التي عُقدت قبل الدعوة طالما لا تتدابر مع التصور الإسلامي، وهذا تفكير أصولي صميم يُعرَف باسم "شرع مَن قبلنا " الذي استطاع أن يضمَّ لجسم الفقه ما ليس منه طالما لا يعكر مقرراته.

القضية الثانية: إسهام الإسلام في تدويل المجتمع الإنساني ومدّه بقواعد فريدة

لقد بيَّنت الدراسة في هذه القضية أحقيَّة الإسلام في أن يكون المَعين الأكبر الذي نستقي منه نظريات القانون الدولي؛ لأنه من التشريعات -إن لم يكن الأوحد- التي حاربت العنصرية، ومنعت الظلم، ودعت إلى العدالة، دون أن تربط أية واحدة من تلكم المُثُل العليا بلونٍ أو معتقد. ولو نظرنا للمجتمعات البشرية سنجد أنها تحركت في اتجاهين: اتجاه يتحوَّل من الفرد إلى المجموع، فانتقل الإنسان في كنفه من الفردية إلى القبلية، ثم إلى المدنية، ثم إلى العالمية والإنسانية. واتجاه دعا إلى التفكُّك على أساس اللون، أو الدين، أو اللغة، أو الإقليم. وقد دعا الفقه الإسلامي في كثير من جزئياته إلى النظام الثاني الذي بذل فيه الفلاسفة قصارى جهدهم دون أن يتخلصوا من تعصُّب لعرقٍ ما، أو نطاق جغرافي أو سياسي يسكن في مخيلتهم.

ومن دلائل هذا الملمح في الإسلام:

  1. الدعوة إلى الأخوة الإنسانية: {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ، واحِدَةٍ، وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
  2. دعوة الإسلام دعوة عالمية: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [سبأ: 28-29].
  3. عدم جعل اختلاف اللون واللسان للتنمُّر والتباهي، ولكن لبيان القدرة الإلهية وللتكامل: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ} [الروم: 2].
  4. ولا يكتفي الكاتب بذكر الأدلة العامة، بل يذكر أدلة من العبادات، وأدلة من النظام السياسي، وبعض الفروع الفقهية على الوحدة الإنسانية والانفراد التشريعي:
  • فمن العبادات: الحج بوصفه واحدًا من التطبيقات العملية للإذابة المجتمعية. فهو يدلل من خلال فريضة الحج على أن الإسلام بدأ بنزع العنصرية بين أبنائه أولًا من خلال العبادات التي فرضها، فالحج شعيرة يجتمع فيها أبناء الإسلام في يوم واحد دون أن تظهر أيُّ فروق في مستوى التطبيق.
  • ومن النُّظُم السياسية: نظام الخلافة، الذي جعل شرق الأرض وغربها تحت راية واحدة يتساوون في الحقوق والواجبات، وتذوب بينهم العرقيات والألوان. كل هذه نقاط لا بدَّ أن يعيها واضعو القانون الدولي، فما فائدته وما الغاية منه إذا لم يُسهم في استزراع التجانس بين الأُممم.
  • ومن الفروع الفقهية والقواعد المقررة التي تفرد بها الإسلام:

- وجوب أن يجير المسلم عدوَّه المشرك إذا طلب ذلك.

- إن المسلم والكافر في مصائب الدنيا سواء، وليس من حقِّ أحدٍ أن ينتهك حقوق القانون والعدالة بحجَّة أن الطرف الآخر غير مسلم.

- إن الأساس النظري للسياسة الإسلامية لا يخوّل الدولة ملكية مطلقة للإقليم، وإنما هي الملكية النسبية المتعلقة بالخلافة عن الله تعالى، ومع ذلك فلا فرق من الناحية العلمية بين سلطان الدولة المسلمة وسلطان الدولة التي لا تؤمن بالله على إقليهما، وهذه الخلافة لا تمنحها الاستبداد، بل بقاؤها مرهون بمدى رعايتها للمصلحة والجماعة، بخلاف بعض النُّظُم التي تقضي بأن الفرد يمتلك الأراضي على أنه مُفوَّض أو أمين عليها من جهة الدولة.

- لقد اعتنى الإسلام بقانون البحار والمحيطات، ووضع لنا قواعد قويمة، فمن يمتلك أرضًا يمتلك المياه الملاصقة لها، كما فرَّقوا بين المنافع الخاصة التي تُمنح للأفراد والمنافع العامة التي لا يمكن منحها لأي شخص أبدًا[5].

- يعمل القانون الإسلامي على حماية النَّفْس والمال والدين، حتى لغير المسلم، فلو أن طفلًا أُسر مع والديه، فإنه يبقى على دينه القديم حتى لو مات أبواه.

القانون الإسلامي يعترف للعدو بالحقوق ذاتها التي للمسلمين، ويعترف الفقهاء المسلمون بأن "المسلمين وغير المسلمين سواء عند معاناة آلام هذا العالم".

- يعترف القانون الإسلامي بأنه إذا استولى العدو على شيء من المسلمين، فإنه يصير هو المالك الشرعي له، حتى إنه يجوز له أن يبيعه للمسلمين، فإذا أُعطي هذا المالك الجديد الأمان لم يجُز رفع المالك القديم دعوى ضده أمام محكمة المسلمين لاسترداد ملكه السابق؛ فالقانون الإسلامي يعترف للعدو بالحقوق ذاتها التي للمسلمين، ويعترف الفقهاء المسلمون بأن "المسلمين وغير المسلمين سواء عند معاناة آلام هذا العالم"[6].

- إن المسلم المنتصر مطالبٌ بتقديم السلام عند انتصاره، وليس بإبادة العدو[7].

- عقوبة الحاكم في الإسلام لا تختلف عن عقوبة المحكوم، بخلاف القوانين قديمًا التي كانت تنصُّ على أن الحاكم لا يخطئ، فالإسلام ضرب أروع الأمثلة حينما سمع الرسول ﷺ الدعاوى التي كانت ضده، أو ضد عشيرته، أو ضد رجال دولته، ويبدي الكاتب أسفه أن مثل هذه القضايا لم تعُد تُسمع في دور الإسلام، وإن أصبحنا نراها في ديار الغرب.

القضية الثالثة: مكانة الإسلام في تاريخ القانون الدولي ومدى تأثيره وتأثُّره

لقد اعتادت الكتابات التاريخية تجاهلَ الحقبة الإسلامية في ترسيخ قواعد القانون الدولي. فغالبًا ما يبدؤون بالحضارة اليوناينة وينتهون بالعصر الحديث، وهذا ما دفع الكاتب لبيان مكانة القانون الدولي الإسلامي تاريخيًّا، وليبرهن من جهة أخرى أن الحضارات الأخرى كانت أقلَّ في إنضاج هذا الفرع الإنساني. فالنظام اليوناني معروف في تاريخه أنه انغلق على نفسه، وعلى الدول التي يحكمها في شبه الجزيرة اليونانية، وكان للدول الإغريقية نظامان: نظام يحكم العلاقة مع اليونان، ونظام يحكم العلاقة مع سائر العالم، وكانت قواعده الأخيرة أقلَّ تطورًا ومنهجية.

إن قوانين الحرب الرومانية كانت لا تعترف بأي حقٍّ للمحاربين، ولا ترعى أي شيء سوى حرية التصرف إزاء العدو غير الرومي.

حتى وإن ظهرت قواعد للحرب والسلم في الحضارة الرومانية، فهي غير كافية للتجانس البشري؛ فإن قوانين الحرب الرومانية كانت لا تعترف بأي حقٍّ للمحاربين، ولا ترعى أي شيء سوى حرية التصرف إزاء العدو غير الرومي، بخلاف القانون الدولي الحديث الذي يرى أن الحرب تختزل حقوقًا معينة، وتبقى السمة الغالبة صيانة معظم الحقوق. وهذا ما يشكِّك في قولهم إن القانون الدولي الحديث مؤسَّس على لبنات القانون الروماني.

كما أنه لا يمكن أن يكون مبنيًّا على تعاليم المسيح، التي تدعو إلى عدم استخدام القوة في الدفاع عن النَّفْس، فضلًا عن أن العلمانية بدأت مبكِّرة في المجتمعات الغربية ففصلت الدين عن السياسة، والصراع بين البابوية والإمبراطورية لا تخفيه كتب التاريخ الأوروبية قبل العربية، بل هو شارة التقدُّم، فكيف يكون راية التطور والترقي؟ وكيف يكون للمسيحية أثرٌ في تطوير القانون الدولي، وكل هذه الانتهاكات الإنسانية ظهرت في الحروب الصليبية التي أشعل جذوتها ونزع فتيلها البابوات أنفسهم.

وبعد أن قطع الكاتب الجسرَ الذي يربط بين الحضارات القديمة وتطور القانون الدولي الحديث، حاول أن يبحث عن رباط آخر مدعمًا بالأدلة، وهو أن الإسلام هو الذي تولَّى عملية التطوير، وقد استدلَّ على ذلك بالآتي:

  1. إن قدماء الكُتَّاب الأوروبيين، أمثال بيبربيللو، قد جاؤوا من إسبانيا وإيطاليا متأثرين بالنهضة التي أحدثها الإسلام، وقد استمرت بغداد في الشرق وقرطبة في الغرب تحملان مشعل الثقافة العربية.
  2. كثير من العلماء، أمثال لوثر، بل والعديد من البابوات التحقوا بالجامعات العربية، كما أن ترجمة كثيرٍ من الكتب العربية إلى اللاتينية أسهمت في نقل الثقافة الإسلامية إلى دراساتهم.
  3. توجد العديد من الدراسات الغربية التي بحثت أَثَر الإسلام في روسيا والدول الشرقية، من أمثال: نيس، ووكرز، والبارون دي تاوب، يقول الأخير: "تحمل الأنظمة المختلفة في مدينة العصور الوسطى الأوروبية طابعًا لا يمكن محوه، وهو اعتمادها الكبير على شبيهاتها من الأنظمة الحربية للشرق المسلم إن لم تستمدّ أصولها منهم".
  4. حركات التجارة العربية التي كانت أكثر كسرًا للحواجز من تجار الغرب، فقد وصلوا للسويد والدنمارك والصين؛ فقد عُثر في السويد على 38 ألف قطعة نقود عربية في مقابل 200 قطعة بيزنطية.
  5. كما أن المؤرخين الغربيين يعترفون بفضل العرب في مجال التجارة والطب والفلسفة، فيصعب استبعاد نقل قواعد القانون الدولي عنَّا؛ لأنها لا تنفكُّ عن المجالات الأخرى؛ إذ هي قواعد التعامل بصرف النظر عن المجال الذي سنتعامل به وفيه.
  6. من المعروف أن أدبيات القانون الدولي الغربي ليس لها مقابل في الحضارة الرومانية، بخلاف كتاب متطور مثل "السير الكبير" لمحمد بن الحسن، الذي تجد نواته في أبواب السير في كتب أبي حنيفة، وصدى واضحًا في كتب السِّيَر والترجمات والمغازي عند ابن هشام وغيره، إن هذا يعود بلا شكٍّ للبذور الأولى للفكر الإسلامي.

القضية الرابعة: ربط التراث بالواقع من خلال الكشف عن قضايا التجديد

لقد تمكَّنت الدراسة من إثبات أن التراث الفقهي عالج قضايا تناولها العصر الحديث دوليًّا ومحليًّا بالبحث والتحليل ومن ذلك:

تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام

تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام

  1. منح الجنسية بطلبها: لقد ناقش بدر الدين ابن جماعة[8] (من علماء القرن السادس الهجري) في كتابه "تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام" قضية منح الجنسية بالطلب، وهي من أكثر المسائل التي تهتمُّ بها القوانين الدولية، وتثور بينهما اختلافات في تكييفها، وذكر أنه كانت هناك سجلات تُكتَب فيها أسماء الأشخاص الذين يطلبون الجنسية، وتُسجَّل فيها ملامحهم وأعمارهم ووظائفهم، والضريبة التي يدفعونها، وكان أمر الموافقة والرفض يخضع لرؤية السلطان ومصلحة البلاد.
  2. منح الجنسية عن طريق الزواج: لقد ناقش علماء الإسلام قضية منح الجنسية عن طريق الزواج، وقرروا أن الزوج في الأراضي المسلمة، سواء أسلم أم لا إذا تزوج بأجنبية، فإنها تأخذ جنسية الزوج مباشرة بخلاف إذا تزوجت المسلمة من أجنبي[9].
  3. حالات جواز إلغاء الإقامة أو المرور: لقد ناقش التراث هذه المسائل، وتشعَّب فيها، ومنها على سبيل المثال: إفشاء الأسرار للعدو، أو التزوير، أو الإفساد في الأرض وغيرها.
  4. مشاركة المسلم المقيم في دولة أجنبية في حروبها مع أعدائها: فقد أوضح الفقه أن المسلم لا ينضمُّ للجيش المحلي إلا إذا خشي من الدولة المعادية ألَّا تتفهم وقوف المسلم على الحياد، وأنه سيتعرض للفتك به لا محالة، ولا فرق بين أن تكون الدولة المحاربة غير مسلمة أو مسلمة متمردة.
  5. وضع ضوابط واضحة لحقوق الأجانب المقيمين في دار الإسلام: ويكفينا هنا ذكر قاعدة عامة نصَّ عليها الشيباني: "الْأَصْلُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى إمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْصُرَ الْمُسْتَأْمَنِينَ مَا دَامُوا فِي دَارِنَا، وَأَنْ يُنْصِفَهُمْ مِمَّنْ يَظْلِمُهُمْ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي حَقِّ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ تَحْتَ وِلَايَتِهِ، مَا دَامُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَكَانَ حُكْمُهُمْ كَحُكْمِ أَهْلِ الذِّمَّةِ"[10].
  6. خضوع الزائر الأجنبي لولاية القضاء المسلم: وضَّح حميد الله أن الفقه الإسلامي وصل لدرجة من الموضوعية والعبقرية في الوقت ذاته بالتفرقة بين حقوق الله والعباد، فوضَّح أن الأجنبي لا يُعاقب إلا على ما كان من أفعال ضد حقوق العباد مثل القذف والقتل؛ لأنه من القواسم المشتركة التي لا ترضاها الإنسانية كلها[11].
  7. مشاركة النساء في الجيش: اعتادت الكتابات الكلاسيكية إظهار المرأة على أنها مخدرة في بيتها دائمًا، في مقابل كتابات حداثية تدعو للتحرُّر والانفلات، وبين التفريط والإفراط ضاعت الرؤية الإسلامية الصحيحة تجاه الأمر، وتأتي هذه النقطة التي يعالجها الكتاب ليكشف الدور العسكري للمرأة، ويفتح مجالًا للحديث عن مشاركة المرأة في التجنيد التي ثارت في الوسط الإسلامي بين الرفض والقبول. لقد نقل الشيباني أنه لا بأس بتطوع الشابات في البعثات العسكرية إذا لم يكن لدى أوليائهن أيُّ اعتراضات، وأن الحرة يجوز لها أن تخرج إلى الغزو مع المحرم. ويحاول الكاتب أن يدعم وجهة نظر الشيباني بالنقاط الآتية:

- مشاركة النساء في غزوات الرسول ﷺ كممرضات، وناقلات جرحى، وطاهيات.

- وُظّفت المرأة في زمن السرخسي حارسة على الخيام[12].

- شاركت مجموعة من النساء في حرب القادسية واستخدمن العصا الغليظة.

- شاركت في معركة القادسية أكثر من 700 امراة شابة، أي ما يعادل فرقة كاملة.

كل هذه الحوداث وما سبقها من نصٍّ للشيباني يكشف في جلاء أن موقف الفقه الإسلامي من المرأة لا يقوم على استبعادها من الحياة العامة مطلقًا، أو أنها مصدرُ فتنة ومطمع في كل الحالات.

  1. الاهتمام المبكِّر بقضايا الدبلوماسية: فقد كتب ابن الفراء (ت458هـ) كتابَهُ العمدة في ذلك "رسل الملوك ومن يصلح للرسالة والسفارة".

القضية الخامسة: نظرية الحرب في الإسلام[13]

تثور اليوم جدل كثير حول الحرب في الإسلام، ومدى إنسانيتها، بل يتجاوز البعض المدى ليثبت أن الفقه الإسلامي هو فقه الجهاد، غاضًّا الطرف عن أسباب الحرب وأساليبها. ولعل أول قضية أثارها الكاتب هي متى تكون الحرب مشروعة، وقد حصرها الكاتب في النقاط الآتية:

  • في سبيل الله: فالحرب في الإسلام لا يمكن أن تكون سبيلًا لتحقيق المطامع الذاتية، أو إبراز التفوق الحربي.
  • بقصد الدفاع: والدفاع ينقسم إلى قسمين: إذا أغار العدو على أرض الإسلام، وإذا لم يقم العدو بغزوٍ فعليّ ولكن وقعت منه تصرفات لا يمكن تحمُّلها.
  • حرب التعاطف: وهي القائمة على نصرة قوم مسلمين مستضعفين في بلد غير مسلم.
  • الحرب التأديبية: وهي معروفة حاليًّا عند العديد من الدول التي تحارب بها المنشقين عن الجماعة، ومن أمثلتها حروب الردة، ومعلوم أن ترك هذه الفئات دون رادعٍ يؤدي إلى فوضى وبحار من الدماء.

إن الكاتب يثبت بوقائع مؤكَّدة أن الإسلام قد فرَّق تفرقة دقيقة بين حكم الإسلام وعقيدة الإسلام، فعقيدة الإسلام لا يجوز الإجبار عليها، أما حكم الإسلام فلا بدَّ أن يسود، وعلى ضوء هذا سمحنا لغير المسلمين بالتعايش معنا.

الأُسس العامة للحرب في الإسلام

أولًا: الإخطار[14]

لا حاجة في إخطار الطرف الثاني بالحرب إذا كانت دفاعية أو تأديبية، أما غير ذلك فيجب الإنذار بالتوحيد أو الجزية.

- إذا قتلوهم قبل الدعوة يجب أن تدفع لهم دية مثل دية المسلم، وهو الرأي الأوجه[15].

- تنقطع كل الخدمات التي تقدِّمها الدولة مع الطرف الآخر؛ تنافيًا مع طبيعة الظرف.

ثانيًا: أثر الحرب في العلاقات[16]

- تخضع طبيعة العلاقات التجارية لرؤية الدولة ومصلحة رعاياها.

- جميع ودائع الديون يستحقها العدو إذا كانت دائنة، ويجوز أن يسمح رئيس الدول أن يحطّ الدائن من الدَّيْن مقابل التعجيل، أو يقوم بإجراء مقاصة.

- تظل المعاهدات التي أنجزت مهمتها كترسيم الحدود كما هي، والمعاهدات التي تتنافى مع طبيعة الحرب تبطل، كمعاهدات حسن الجوار، وتبقى المعاهدات التي حدّدت في حالة الحرب موضع الالتزام كمعاملة الأسرى وقطع المياه، ما لم يجُر أحدهما عليها فيعامله الطرف الآخر بالمثل.

ثالثًا: معاملة أشخاص العدو[17]

إذا وُجِدت جماعات مختلفة من دول الأعداء في الدولة الإسلامية، يختلف التعامل معها حسب النقاط الآتية:

  • الأجانب من الأعداء المقيمين: وهذا ما يُطلق عليه مصطلح "مستأمن"، وهذا يعامل بمثلِ معاملته قبل الحرب، وله أن يعود إلى بلده، ويأخذ كل أمواله معه إلا ما هو من السلع الحربية، ولا يجوز أخذ ما اشتراه من الدول الإسلامية، بل يجب عليه بيعه داخل الدولة الإسلامية، ولا يمكن مشاركته في الحرب خوفًا منه. ويُعامَل بعكس ذلك تمامًا لو تجسَّس[18] أو ثبت أنه يمثِّل مصدرًا من مصادر القوة الكبيرة إذا عاد، وقد تصل عقوبة التجسُّس للإعدام[19].
  • الأعداء في بلادهم: وهولاء يجب عليهم أن يتحملوا ويلات الحرب، ويجري تنظيم معاملاتهم عند احتلال مدنهم وَفْقَ شروط التسليم أو البيان العام للقائد.

ج- المحايدون في منطقة العمليات الحربية: فالواجب تجنُّب إضرارهم ما أمكن، ولا مسؤولية على المسلم إذا أُصيبوا؛ نظرًا لتعذّر الاحتراز.

رابعًا: الأعمال الممنوعة في الحرب ومنها:

  1. القتل بطرق لا ضرورة لها، أو تتسبَّب في آثار طويلة، كالسموم والفيروسات[20].
  2. قتل غير المحاربين، كالأطفال، والرهبان والنساء، ولو حاربوا يُدفعون قدر الإمكان دون قتل.
  3. التمثيل، وقطع الرؤوس، وقتل رهائن العدو.
  4. إتلاف المزروعات لغير ضرورة، وذبح الحيوانات أكثر من الحاجة.
  5. الزنا والفسوق حتى بالسبايا.
  6. التترُّس بالأسرى.

خامسًا: معاملة الأسرى

  1. يجوز قتل الأسير عند الضرورة، وتجوز محاكمته على ما فعل من جرائم.
  2. لا يضمن ما أتلفه في الحرب.
  3. وجوب إطعامه دون مقابل، وتلبية ضرورات حياته، وحمايته من البرد والحرّ.
  4. يمكن أن يُسمح له بالفداء مقابل مال أو أن يجلب لنا مصلحة كحِرفة ما أو علم ما.
  5. يخضع تبادل الأسرى أو المنّ عليهم لرؤية الحاكم.

سادسًا: نهاية الحرب

إذا ما تتبعنا الفقه الإسلامي بأدبياته، سنجد أن الحروب تتوقف عند واحدة من النقاط التالية:

  • أن يوقف الطرفان الأعمال العدائية دون أي اتفاق متبادل كما حدث في بدر وأُحد ومؤتة.
  • إذا اعتنق حاكم الدولة المعادية الإسلام، فقد وجَّه النبي ﷺ أمره بعدم مهاجمة الحبشة، طالما أن الأحباش أنفسهم لا يقومون بأي عمل عدواني.

ج- هزيمة العدو وضمّ أراضيه.

د- قبول العدو لسيادة الدولة الإسلامية، كما حدث في مدن نجران.

هـ- أن يتفق الطرفان على معاهدة كما فعل النبي ﷺ مع يهود خيبر، ومع القبائل الوثنية التي تمرّ عليها قبائل المسلمين.

القضية السادسة: الحروب الأهلية والثورات

تمثِّل هذه القضية عصب القانون الدولي الإسلامي؛ لأن النظرية الإسلامية ترتكز على وحدة النوع البشري تحت مظلة الحكم الإسلامي، فما القواعد التي يقدِّمها الفقه حين تتزعزع تلك الوحدة؛ فتنشقّ دولة أو تثور جماعة أو تظهر فتنة؟

أولًا: أقسام الثوار والمعارضين

قسم الكاتب المعارضة إلى: معارضة على أساس ديني، ومعارضة على أساس سياسي. فالمعارضة التي على أساس ديني كالخوارج، يُعاملون باللين والفكر، ما لم يتسلحوا ويريدوا الإطاحة بالحكومة، فعند ذلك يُعاملون معاملة الثوار السياسيين كما سيأتي. وأما المعارضة على أساس سياسي ودنيوي، فإما أن تكون ضد بعض موظفي الحكومة دون توفر نيَّة الثورة، فهنا تُسمَّى "عصيانًا" وتُحاكم للقانون، ولا علاقة للقانون الدولي بها. وإذا كان الغرض منها الإطاحة بالحكومة سُميت "تمردًا"، وإذا كان العصيان ضد حكومة مستبدَّة ظالمة فالتسمية الصحيحة "حرب تحرير". فإذا شتدَّ الأمر وامتلك المعارضون سلاحًا واحتلوا أرضًا، فهي" ثورة". فإذا كوّنت حكومة مساوية وأصبحت لها شوكة، أُطلق على هذه الحالة "حرب أهلية".

وفي الحقيقة، كانت هذه الفروق من الكاتب تصحيحًا لتصورات أشكال مخالفة الدولة، التي يخلط البعض بينها فيستنبط حكمًا، أو يحقِّق مناطًا في غير محله؛ فيفسد الحلول، ويفسد التصورات الإسلامية في عيون الغرب.

ثانيًا: الأسس العامة في التعامل مع الثوار

أوضح الكاتب أنه لا يمكن أن نفصِّل حكمًا واحدًا لكل هؤلاء، لكن يمكن -كما هو معروف من مرونة الفقه الإسلامي- أن نضع خطوطًا عامة تجعل القضاء يتحرك في داخلها؛ تحقيقًا للمقصد العام الذي يتمثَّل في تحقيق وحدة الدولة وحماية النَّفْس قدر الاستطاعة، ويمكن أن نفصل الأسس العامة في النقاط التالية:

لا تجوز الهجمات الليلية والمفاجئة دون سابق إنذار للتقليل من إراقة الدماء، ولا يجوز استعمال الأسلحة ذات التدمير المبالغ فيه.

  • يجب إنذارهم وتحذيرهم من النتائج والإعذار إليهم قبل أي إجراء.
  • يجب أن يكون هدف القتال هو منع الثوار لا قتلهم وإبادتهم.
  • عقوبتهم يقدِّرها الحاكم والقضاء، وقد تصل إلى الإعدام أو القتل في أرض المعركة.
  • لا تجوز الهجمات الليلية والمفاجئة دون سابق إنذار للتقليل من إراقة الدماء، ولا يجوز استعمال الأسلحة ذات التدمير المبالغ فيه.
  • يجوز تعقُّبهم وقتلهم لو لهم ملجأ يستعدون فيه لاستمرار القتال.
  • يجوز منحهم الأمان من أي فرد مقاتل.
  • يُعَدُّ الحكم في ديار الثوار نافذًا في حقهم وحقِّ مَن طبق عليه الحكم ما لم يخالف الشريعة ولم يخرج عن الأقوال المعتمدة.
  • تلتزم الدولة بكل المعاهدات التي يجريها الثوار مع غيرهم من الدول غير المسلمة إذا كانت في مصلحة الدولة، وفي المقابل إذا هجم الثوار على دولة صديقة فإن الدولة ملتزِمة بعد كسر شوكتهم بردِّ هذه الغنائم.
  • لا يجوز مصادرة أملاك الثوار الخاصة، ويجب على الدولة دفن موتاهم.
  • لهم نصيبٌ من الغنائم إذا دخلوا في حرب مع الدولة ضد عدو مشترك.

مع ملاحظة أن الثوار غير المسلمين يُعاملون معاملة المسلمين في حالة قيام الثورة في أرض محاطة تمامًا بأرض الدولة الإسلامية، أما إذا ثارت مناطق واقعة على حدود ملاصقة لدولة غير إسلامية، فإنهم يُعاملون معاملة المحاربين العاديين[21].

القضية السابعة: الحياد

الحياد من القضيا التي لم تفرد لها الأدبيات الفقهية مؤلفًا أو بابًا، مما دعا الكاتب إلى لمِّ شتاتها من الفروع الفقهية والتصرفات النبوية، مع تتبُّع سير الدولة الإسلامية، ليضعها في سلك ينظمها.

فمصطلح الحياد عرَّفه العرب قديمًا بمعنى "الاعتزال "، وهو يعني: عدم الانضمام لأية دولة من الدول المتنازعة[22].

وعلى الرغم من أن الكاتب معروفٌ بطول النَّفَس في جمع مادته وتحليلها، فإنه يبدو لي أن نظرية الحياد كانت تحتاج إلى جهد أكثر للكشف عنها، فقد اكتفى بالبحث عن مصطلح الحياد وتطوره، وجمع الأحاديث والآيات التي دلَّت عليه، دون أن يحلِّلها، ليسبكها في نظمٍ يكشف عن: ضوابط الحياد، وشروطه، وأسبابه، وموانعه، كما فعل في مبحث الحرب كمثال.

وفي الحقيقة، لقد تمكَّن الشيخ أبو زهرة في كتابه الصغير من توضيح صور الحياد وأحكامه التي بضمِّها لما كتبه حميد الله تكتسب النظرية الإسلامية مزيدًا من التوضيح والإحكام:

أولًا: إذا كانت هناك معركة بين المسلمين وغيرهم، ورفض قومٌ المشاركة بين الطرفين، فهنا يجب أن يوافقوا عليها، بنصِّ القرآن: {فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم، فما جعل الله لكم عليهم سبيلا} [النساء: 90].

ثانيًا: أن يكون النزاع بين طائفتين من المؤمنين، ففي هذه الحالة لا يجوز الحياد، بل يجب الإسراع للمصالحة، وجمع الشمل، فإن بغت إحداهما على الأخرى يجب الانضمام إلى الدولة المعتدى عليها.

ثالثًا: أن يكون النزاع بين دولة إسلامية وغير إسلامية، وهنا لا يجوز الحياد، بل يجب الانضمام للدولة المسلمة نصرةً وتأييدًا.

رابعًا: أن يكون الحياد بين دولتين غير مسلمتين، وهنا تفريع:

  • أن تكون إحدى الدولتين ليست علاقتها مع المسلمين علاقة سلم، ولكن سكنت الحرب، فهنا يجب الموادعة، إلا إذا تبيَّن أنها تأخذ هدنة لاستكمال حربها ضدنا.
  • أن يكون بين المسلمين وإحدى الدولتين المتنازعتين معاهدة نصرة في الحرب، فهنا يُعَدُّ الحياد خيانةً، فيجب نصرتها.

ج- ألا تكون هناك معاهدة أو حرب بين إحدى الدولتين المتنازعتين، فهنا يجب الحياد.

ويشير أبو زهرة إلى أنه يجب عدم الحياد في هذه الحالة إذا تبيَّن ظلم إحداهما؛ لأن الإسلام جاء لنصرة المظلوم، لكنه خفَّف من صرامة هذا الحكم حين أوكل حكم هذه الحالة لرؤية الدولة التي تتمثَّل في رعاية مصالح المسلمين دينًا ودنيا[23].

كانت هذه هي أهمّ القضايا التي أردت أن ألفت نظر القارئ إليها، وإلى كيفية معالجتها.

النقاط التي نحتاج إليها بعد قراءة الكتاب

بعد هذه القراءة التي ركَّزت على أهم النقاط في الكتاب، من المهم الإشارة إلى الأشياء التي يجب أن تُستكمل، والأمنيات التي تفجِّرها فينا قراءة هذا الكتاب، ولعل أبرزها:

  1. إعادة الصلة بين شعوبنا والفقه الإسلامي خاصةً في الجانب القانوني، بما ثبت من قدرته على تحقيق السلم.
  2. استكمال الأبحاث التي تربط بين الفقه والواقع.
  3. العمل الجاد على ترجمة كتب هذا الرجل الذي حمل وحده همَّ هذا الشق في الفقه الإسلامي.
  4. العمل على تطوير المصطلحات الفقهية إما بإبراز ما يقابلها في العصر الحديث، أو استنتاج مصطلحات فقهية من رحِم الفروع الجزئية التي تصبُّ في مكان واحد، فنريد أن نرى مزيدًا من مصطلحات: الدبلوماسية، والجنسية، والحياد، والمياه الإقليمية، والحظر التجاري، واللاجئين، كل هذا مفردات ملأت عالم القانون الدولي، وهي مبثوثة في تراثنا بأسماء مغايرة.
  5. العمل على تفعيل القانون الدولي الإسلامي بما يعود بالنفع على طبيعة العلاقة بين الدول العربية من كسر الحواجز، وإذابة القوميات، وتوحيد الأهداف ككتلة دولية مشتركة في إرث تاريخي وحضاري عريق، ممتد عبر العصور.
  6. إعادة التنقيب في كتب السياسة الإسلامية، فالكتاب الوحيد عن الدبلوماسية الإسلامية بصورة منفصلة هو كتاب "رسل الملوك ومن يصلح للرسالة والسفارة" لابن الفراء.

ولعل من المفيد هنا أن نضع أمام القارئ الدراسات التي تجاوزت مرحلة حميد الله، توضيحًا لاستكمال خريطة التطور في ذلك الحقل، لعل أهمها:

  1. العلاقات الدولية في الإسلام، إبراهيم عبد الحميد.
  2. انفصال جزء من إقليم الدولة: دراسة في إطار القانون الدولي والفقه الإسلامي، عبد الرحمن محمد حمود الوجيه، جامعة القاهرة، 2003م.
  3. ضمانات حماية حقوق الإنسان فى إطار التنظيم الدولي الإقليمي الأوروبي والعربي، حفيظ عكدادي.
  4. النظرية العامة لمبدأ حسن الجوار في القانون الدولي العام، عبد الحميد موسى عيسى الصالب.
  5. حماية المدنيين والأعيان المدنية وقت الحرب، جمعة شحود شباط، جامعة القاهرة، 2003م.
  6. مسؤولية الدولة تجاه طالب اللجوء، أيمن أديب سلامة الهلسه، جامعة القاهرة، 2003م.
  7. الوضع القانوني لأسرى الحرب في ضوء أحكام القانون الدولي والشريعة الإسلامية، نادية محمد سعيد النقيب، جامعة الإسكندرية.
  8. اللجوء في ضوء أحكام القانون الدولي والشريعة الإسلامية: دراسة مقارنة، إياد محمد ياسين، الجامعة العالمية للعلوم، 2008م.
  9. الحق في تبادل وانتهاء التمثيل الدبلوماسي مع إشارة للتمثيل الدبلوماسي الإسلامي، يس ميس، معهد البحوث، 2012م.
  10. أحكام القانون الدولي في الشريعة الإسلامية، حامد سلطان، دار النهضة العربية.
  11. نظرية الضمان والمسؤولية الدولية في الشريعة الإسلامية، أحمد أبو الوفا، دار النهضة العربية.
  12. المنظمات الدولية في القانون والفكر الإسلامي، صلاح عبد البديع شلبي، دار النهضة العربية.
  13. العلاقات الدولية في السنة النبوية، أحمد أبو الوفا، دار النهضة العربية.
  14. الرسول الأعظم وقواعد العلاقات الدولية، عثمان عبد الرحمن، دار النهضة العربية.
  15. القانون الدبلوماسي الإسلامي، أحمد أبو الوفا، دار النهضة العربية.
  16. التمثيل الدبلوماسي المعاصر والدبلوماسية في الإسلام، دار النهضة العربية.
  17. قواعد السلوك الدبلوماسي في الإسلام، عبد القادر سلامة، دار النهضة العربية.
  18. سلطات الأمن والحصانة والامتيازات الدبلوماسية في الواقع النظري والعملي مقارنة بالشريعة، فاوي الملاح، دار المطبوعات بالإسكندرية.
  19. التحفظ على المعاهدات الدولية في القانون الدولي العام والشريعة الإسلامية، عبد الغني محمود، دار الاتحاد العربي.
  20. المعاهدات الدولية في الشريعة الإسلامية، أحمد أبو الوفا، دار النهضة العربية.
  21. قانون البحار والأنهار الدولية في الإسلام، أحمد أبو الوفا، معهد البحوث والدراسات العربية.
  22. التعاون الدولي بين الدول الحبيسة والدول الساحلية بين القانون الدولي والشريعة، عبد الروؤف حسن عيوش، دار النهضة العربية.
  23. أحكام المعاهدات في الشريعة الإسلامية: دراسة مقارنة، منشأة المعارف.
  24. القانون الدولي الإنساني: دراسة مقارنة بالشريعة، عبد الغني محمود، دار النهضة العربية.
  25. قانون حقوق الإنسان في الفكر الوضعي والشريعة الإسلامية، عبد الواحد محمد الفار، دار النهضة العربية.
  26. الحماية الدولية للصحفيين أثناء النزاعات الدولية في القانون الدولي والفقه الإسلامي، علاء فتحي عبد الرحمن، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية.
  27. المفاوضات الدولية في القانون الدولي والشريعة، أحمد أبو الوفا، دار النهضة العربية.
  28. تطور مذهب الحياد، حامد سلطان، مطبعة مصر.
  29. الاستخبارات العسكرية ودورها في تحقيق الأمن القومي للدول في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، زكي زكي حسين، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية.
  30. الأصول الإسلامية للقانون الدولي، مجلة الشريعة والقانون، جامعة الإمارات العربية.
  31. الجنسية ودور الأم في جنسية أولادها: دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي والمواثيق والقوانين المعاصرة، أحمد محمد بخيت، دار النهضة العربية.
  32. الجنسية في القانون المقارن، جمال محمود الكردي، دار النهضة.
  33. النظام القانوني للجنسية في الدولة الإسلامية: دراسة مقارنة، صلاح الدين جمال، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية.
  34. المركز الدولي للأقليات في القانون الدولي العام مع المقارنة بالشريعة الإسلامية، السيد محمد جبر، منشأة المعارف، الإسكندرية.
  35. الأجانب في القانون الدولي المعاصر والتشريع المصري مقارنًا بالتشريعين الفرعوني والروماني، عادل محمد خير، دار النهضة العربية.
  36. أساليب فض تنازع القوانين ذات الطابع الدولي في الإسلام، عنايت عبد الحميد، دار النهضة العربية.
  37. حالات عدم الوفاء المشروع بالتعهدات في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، يحيى محمد علي عبد الله، جامعة القاهرة.
  38. العلاقات الدولية، محمد أبو زهرة.

والحمد لله، والله من وراء القصد.


الهوامش

[1] انظر في هذا الاتجاه: الوثائق الدستورية في دولة النبوة والخلافة الراشدة، جمع ودراسة: د. محمد عمارة، طبعة الأزهر، شوال 1422هـ.

[2] انظر: علي الخفيف، السياسة الشرعية، ص404.

[3] السرخسي، المبسوط (بيروت: دار المعرفة)، ج10، ص2.

[4] انظر: محمد البنا، السياسة الشرعية، ص243.

[5] انظر في هذا الصدد: أحمد حسين عثمان، تسوية النزاع حول المياه: دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الدولي، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، العدد 120، صفر 1444هـ.

[6] انظر: الدبوسي، كشف الأسرار، باب إصابة الكافر، ص147.

[7] انظر: عبد الله صيام، العلاقات الخارجية للدولة الإسلامية ومقابلتها بالقانون الدولي العام، مجلة المحاماة، السنة الثالثة، العدد الثالث، ذو القعدة 1352هـ.

[8] انظر ترجمته كاملة في: الهجراني الحضرمي الشافعي، قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر، عُني به: بو جمعة مكري، خالد زواري، (جدة: دار المنهاج)، ج6، ص205.

[9] السرخسي، شرح السير الكبير، ج4، ص115.

[10] المرجع السابق، ج1، ص1853.

[11] المرجع السابق، ج1، ص2012.

[12] الوجيز للسرخسي.

[13] انظر بتوسع: عبد الوهاب خلاف، نظام الدولة في الشؤون الدستورية والخارجية والمالية، ص343.

[14] انظر: إبراهيم عبد الحميد، العلاقات الدولية في الإسلام، مبحث المقدمات التي تسبق تسيير الحملة، ص860.

[15] انظر: السرخسي، شرح السير الكبير، ج1، ص57.

[16] انظر بصورة موسعة: محمد البنا، السياسة الشرعية، ص171

[17] انظر: إبراهيم عبد الحميد، العلاقات الدولية في الإسلام، ص866.

[18] انظر: المرجع السابق، بحث الجاسوسية، ج1، ص209.

[19] السرخسي، شرح السير الكبير، ج4، ص226.

[20] انظر: إبراهيم عبد الحميد، العلاقات الدولية في الإسلام، مبحث وسائل القتال.

[21] انظر: الفتاوي التاتارخانية، باب البغاة.

[22] انظر: محمد أبو زهرة، العلاقات الدولية في الإسلام (ط. الأزهر)، ص65.

[23] انظر: محمد أبو زهرة، العلاقات الدولية في الإسلام، ص67.