يقدم هذا الكتاب منظورًا مركبًا للنظر في التلقي العقلي والسلوكي للأحكام الشرعية داخل أوساط التعليم الديني الإسلامي، حالة الأزهر في مصر بالتحديد، فيجمع المؤلف بين نظريتين: الأولى «نظرية الممارسة» بوصفها نظرية كاشفة للمسافة بين الحكم الشرعي ولحظة الامتثال السلوكي له، سواء كانت هذه المسافة بين النص والشيخ، أو بين الشيخ والمتلقين عنه. أما النظرية الثانية فهي «نظرية الهرمنيوطيقا» التي تقدم طريقة لمعرفة كيف تكشف الأفعال عن مكنون العقول، سواء كانت هذه الأفعال تُشاهد مباشرة أو تُروى في النصوص والكتب.
تركز أطروحة الكتاب على اختبار الأدوات التحليلية التي يقترحها المؤلف على حالة التعليم العالي الإسلامي في مصر الحديثة، ويشتغل المؤلف على الجانبين الرسمي والتقليدي لتعميق النظر في بنية عملية التلقي والتلقين للمضمون المعرفي الديني في هذه المحاضن. ويراوح المؤلف بين العرض التاريخي لطبيعة الدرس الفقهي في حقبة ما قبل الحداثة، الذي أسماه «التعليم الإسلامي التقليدي»، وبين المعالجة التحليلية لمختلف الدروس الفقهية بعد وصول الحداثة لمصر. وكان تعليل المؤلف لهذه المراوحة أنه أراد أن ينقض بعض الاتجاهات التحليلية التي تصور حالة الدرس الفقهي ما قبل الحداثي بأنها جامدة وراكدة وخالية من التفاعل مع مستجدات الواقع.
آريا نكيسا: الأستاذ المساعد للدراسات الإسلامية والأنثروبولوجيا في جامعة واشنطن سانت لويس، وحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة هارفارد. يوظف نكيسا في أبحاثه المناهج الأنثروبولوجية والتاريخية ويركّز على الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا. وأجرى العديد من البحوث الميدانية المكثفة في مصر وإندونيسيا وماليزيا. ويركز على الكيفية التي يمكن أن تقدّم بها الأطر النظرية المتنوعة تأملات جديدة في دراسة الإسلام والمجتمعات الإسلامية.