يُمثّل هذا الكتاب المرجعي مدخلًا جديدًا في تاريخ التشريع الإسلامي، يَسْلَم من المآخذ التي عِيبَت على كتب المداخل السابقة، ويستدرك في الوقت نفسِه ما شابها من أوجه النقص والقصور، سواء تلك التي ألَّفها المستشرقون أو تلك التي وضعها الكُتَّاب المسلمون. وقد احتذى فيه المؤلف منهجًا راشدًا مُباينًا للمعهود من المناهج التي أَلِفَهَا طلابُ الشريعة وأساتذتُها؛ حيث تغيَّا استعراض التجربة القانونية الإسلامية في تاريخها الطويل الذي يربو على أربعة عشر قرنًا، ودراسة الأطوار المتعاقبة التي اجتازتها هذه التجربة، والإحاطة بالمقومات التي شكَّلتها، وتمثَّلت من الوجهة النظرية والعملية في التشريع والقضاء والفقه.
ويقسم هذا الكتابُ النظام القانوني الإسلامي إلى أربع مراحل متعاقبة: مرحلة التأسيس والتكوين التي تنتهي بنشأة المدارس الجغرافية والمذاهب الفقهية، ومرحلة تطوير النظام والتمكين له بإعماله وتطبيقه في الدول الإسلامية الكبرى: العباسية والعثمانية والمغولية والصفوية، ومرحلة الاضطراب وفرض القوانين الغربية، ثم مرحلة العودة عن ذلك إلى التماس الطرق البديلة لاستعادة تطبيق النظام القانوني الإسلامي في حدود الملاءمات السياسية والاجتماعية.
محمد أحمد سراج: أستاذ الدراسات الإسلامية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، تخرّج في كلية دار العلوم عام ١٩٦٩م، ثم عيّن معيدًا بها، ليحصل منها على درجتي الماجستير والدكتوراه، ثم تدرّج في قسم الشريعة الإسلامية حتى أصبح رئيسًا له عام ١٩٨٩م. وقد أُرسل مبعوثًا دراسيًّا لجامعة كامبريدج لمدة عام واحد. كما عمل أستاذًا للشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية، وأسهم في إنشاء الجامعة الإسلامية بإسلام آباد، حيث عمل أستاذًا مشاركًا للشريعة الإسلامية، وعميدًا لكلية الشريعة والقانون، ومديرًا عامًّا لأكاديمية تدريب القضاة والمشتغلين بالمهام القانونية بباكستان. وقد ألَّف وحقَّق وترجم أكثر من عشرين مؤلفًا في الفقه الإسلامي.