الأسطوغرافيا المعاصرة وتاريخ الزمن الراهن: تحديات ورهانات
الملخّص
ساهمت المتغيرات التي عرفها العالم بين سبعينيات القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين في تحوُّل التاريخ إلى رهان سياسي كبير وتعاظم حضوره في المجال العمومي، ولم يكن أَمَام المؤرخين من مناص كي يعكفوا على التاريخ الجاري بالبحث والتدبُّر والمعالجة، فاضطروا إلى تجديد مقارباتهم وأدواتهم قصد استيعاب المتغيرات بيسرٍ، والتفاعل معها باقتدار، وأصبحت الـمُساءلات الإبستيمولوجية والأسطوغرافية عندهم مثقلةً أكثر بالرهانات. وانطلاقًا من ذلك صار تاريخُ الزمن الراهن قطاعًا أسطوغرافيًّا قائمًا بذاته يحظى بالشرعية في الأوساط الأكاديمية.
غير أنه وبموازاة هذه الوضعية التي أصبح يحظى بها تاريخ الزمن الراهن، طفت على السطح إشكاليات جديدة، وأصبحت تُواجه مؤرخي الزمن الراهن تحديات مختلفة. وعلى عكس نهاية الثمانينيات؛ حيث كان الجدل قائمًا حول شرعية تاريخ الزمن الراهن وإمكانية القيام به، أصبح النقاش اليوم يدور حول خصائص هذه الفترة ورهاناتها، وهي نقاشات أصبحت تفرض نفسها، ولا يجب أن يتجاهلها مؤرخُ الزمن الراهن. فهذا الأخير بات مطالبًا بالاستجابة إلى طلب اجتماعي، وطلب بتحويله إلى خبير. وهي تحديات تهدد اختصاص المؤرخ وشخصيته البحثية وتُنذر بحدوث انحراف عن وظيفته المعرفية.