الديمقراطية والنقاش العمومي
الملخّص
لا يستقيم الحديث عن العدالة والديمقراطية عند أمارتيا صن دونما نقد جذري لتصورهما النظري، فهو لا يقحم نفسَه داخل إطار نظري محض، ولا يريد بناء تصور فلسفي مجرد عن العدالة والديمقراطية، بل غرضه وغايته هي إجرائية المفهومين وما يتلوهما من مفاهيم محايثة لهما.
لم يكن اختيار ترجمة هذا الفصل من كتاب "فكرة العدالة" اعتباطيًّا، ولا كان عشوائيًّا، بل متعمدًا، لكونه يفكك فكرة "الديمقراطية الغربية" بكل تجلياتها؛ لا يمشي أمارتيا صن النعل بالنعل مع أطروحة أن الديمقراطية غربية النشأة، حتى وإن كان مهدُها هو اليونان القديمة، بل يحاول تفكيك تلك الأطروحة مستعينًا بنَفَسٍ تاريخي طويل في الكشف عن تمظهرات الديمقراطية عبر تاريخ الأمم.
لا جدال أن فكرةَ الديمقراطية يونانية النشأة، ولا جدال في أنها تطورت ونمت في ظل نظام تشاوري حواري ينهج فكرة النقاش العمومي، لكن هذا لا يفيد بالضرورة أن الديمقراطية غربية النسب، ولا أنها قدر غربي،علاوة أن التاريخ لا يشير إلى تأثير هذه التجربة على باقي البلدان المجاورة لها مثل: فرنسا وألمانيا وإيطاليا. لِنقل أن الديمقراطية قيمة كونية، قد تحضر في الغرب كما قد تغيب عنه، وقد تنبت في بيئات غير غربية مغايرة تمامًا.