المعيارية في دراسات الهجرة أخلاقيات وجماعة أكاديمية إبستمية

المعيارية في دراسات الهجرة أخلاقيات وجماعة أكاديمية إبستمية

الملخّص

تركّز الكثير من الأدبيات الأكاديمية على أهميّة البراديغمات (paradigms) الأصيلة للعلوم الاجتماعية، وعلى تخليص العلوم الاجتماعية من بعض الأحكام المعيارية الغربيّة التي بنيت على الأخلاقيات الغربيّة الماديّة والاستعماريّة. ومع أنّ بعض المدارس الفكرية حاولت أن تدفع بالعلوم الاجتماعية في ذلك الاتجاه؛ إلّا إنّ هذا لم يخل من مغالاة شملت خلق ثنائيّات مضرة.

وفي هذا المقال، سأطرح ثلاثّة أسئلة أساسية تعكس النقاش المتعلق بالموضوع: أولًا: هل يستطيع المرء الكلام عن معيارية للجماعة الإبستمية (epistemic community) في الدراسات الاجتماعية؟ وإن كان الجواب بالإيجاب، فما هي تلك المعيارية؟ وهل تُعلمنا الثنائيات القطبية التي تولّدها وجهات النظر السابقة طرقًا مفيدة تساعد العلوم الاجتماعية في الوصول إلى سياق يعيش فيه المسلمون ضمن هذا العالم؟

وقد اخترت موضوع الهجرة لأنّه موضوعٌ بارز في القرن الواحد والعشرين؛ حيث كثرت موجات الهجرة القصرية والاختيارية والعنصرية والإسلاموفوبيا والتنوّع الإثني. أجريت إمبريقيًّا تحليل مضامين 74 مقالًا أكاديميًّا في اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية.

تُظهر النتائج أنه عندما يكون علماء الهجرة معياريين فإنهم يجمعون بين أخلاقيات الاقتناع والمسؤولية عند فيبر، من أجل إصدار أحكام اجتماعية/سياسية تغلب عليها الصحّة. هذا المزيج يجعلهم يرفضون موقفًا شديد التساهل، بمعنى أن الغايات تسمح باستخدام أي وسيلة لتحقيقها (فهم مثلًا يرفضون التشديد المفرط على الأمن فيما يتعلق بالهجرة).

ويضع هذا المزيج علماء الاجتماع في كثير من الأحيان في مشكلة تُسفر عن مفارقات تشمل: حماية العمالة المحلية مقابل الحدود المفتوحة للاجئين/المهاجرين؛ التعددية الثقافية مقابلَ بعض الأعراف التي يتبناها المهاجرون، والتي تتناقض مع بعض المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وما إلى ذلك.

لا يمكن مناقشة هذه المفارقات ضمن الثنائيات الشهيرة لعلماء أسلمة العلوم الاجتماعية، أو الدراسات ما بعد الاستعمارية (المجتمع مقابل الفرد، التقليد مقابل الحداثة، الوحي مقابل العقل، التاريخ مقابل الحاضر، الوسط مقابل الأطراف…إلخ).