ما بعد الإسلاموية والتطور الأيديولوجي و«تونسة» حزب النهضة
مقدمة المترجم
"نتطلَّع إلى حزب نهضةٍ جديد، وإلى تجديد حركتنا، ودفعها إلى المجال السياسي، دون أيِّ اختلاطٍ بالدين. كنا نختبئ قبل الثورة في المساجد واتحادات الشغل والجمعيات الخيرية؛ لأن النشاط السياسي كان محظورًا. لكن يمكننا الآن أن نكون فاعلين سياسيين علنًا. فلماذا نشتغل بالسياسة في المسجد؟ يجب أن نشتغل بها علنًا في الحزب. إننا لم نخدع أحدًا باستخدام الدين لأسبابٍ سياسية، ويجب أن نستجيب لحاجات الناس ولا نخدعهم بعواطف دينية."
بهذه العبارة أجاب زعيم حزب النهضة، راشد الغنوشي، على سؤال وُجِّه إليه عن رؤيته للتحوُّل الذي أحدثه الحزب بالفصل بين الدعوي والسياسي في عام 2016م، و«التخصُّص السياسي» الذي أعلنه البيان الختامي للحزب. ويبدو واضحًا التحول الذي يسعى إليه الغنوشي، والمتجسد في خروج حركة النهضة في ثوبٍ جديد، أي الخروج من «الإسلام السياسي» إلى «الديمقراطية المسلمة» بتعبيره.
تُسهم هذه الورقة إسهامًا مهمًّا في فهم هذا التحوُّل، إذ يسعى الباحثان إلى إعادة النظر في مفهوم «ما بعد الإسلاموية Post-Islamism» الذي صكَّه آصف بيات، ويقدِّمان مضمونًا جديدًا للمفهوم، لا باعتباره فشلًا للإسلام السياسي أو الإسلاموية، بل باعتباره تحولًا وتطورًا فكريًّا وأيديولوجيًّا للجماعات الإسلاموية جعلها تتكيَّف مع التطورات المجتمعية المحيطة بها. ويدرس حالة حزب النهضة تفصيلًا للبرهنة على جدوى هذا المضمون الجديد وصلاحيتِه.