هل تُعدٌّ الحركات الإسلامية السياسية حركات متعلمنة؟

هل تُعدٌّ الحركات الإسلامية السياسية حركات متعلمنة؟

ملخص

تُعَد الحركات الإسلامية السياسية حركات حداثية، نشأت استجابة للحداثة وتحديا لها في ذات الوقت، وأنتجت أنماطا مؤسسية ونسخا من التدين حاولت أن تحفظ للمرجعية الإسلامية فاعليتها وملاءمتها داخل المجتمعات المسلمة في طور التحديث. فإذا كانت العلمانية هي إحدى السمات الأساسية في الظاهرة الحداثية، فهل تسرب شيءٌ من سمات العلمانية إلى الحركات الإسلامية السياسية؟ 

تجيب هذه الورقة على هذا السؤال بتقديم تعريف للعلمانية باعتبارها عملية تفاعل بين الدين والحداثة، ومحاولة لإعادة إنتاج الدين وفق شروط الحداثة، وفي هذا الإطار يمكن النظر إلى الحركات الإسلامية السياسية باعتبارها حركات متعلمنة من عدة أوجه: أنها انخرطت في عملية أدلجة للدين بما أعطى أولوية للقضايا المرتبطة بإدارة السلطة والثروة في المجتمعات المسلمة، مقارنة بالقضايا المرتبطة بالعقائد أو الإشكاليات الفقهية أو المسائل الكلامية، وأنها استخدمت المنطق الحداثي المرتكز على العقلانية والمصلحة في الترويج لأيديولوجيتها، بما عزز من مرجعية المعيارية الحداثية، وأنها أسهمت – بقصد أو من غير قصد – في تراجع دور المؤسسات الدينية العلمائية في المجالين الاجتماعي والسياسي.

الكلمات المفتاحية: العلمانية – الحداثة – الحركات الإسلامية السياسية – الأيديولوجيا

منذ تشكل هذه الظاهرة خلال الربع الثاني من القرن العشرين، أثارت الحركات الإسلامية السياسية عدة إشكاليات سواء على المستوى النظري أو على مستوى الممارسة السياسية، إذ دخلت هذه الحركات في مواجهة مع العديد من الدول والأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي، مدعومة عادة بالمؤسسات الدينية الرسمية، ومع الحركات الدعوية السلفية والتقليدية المحافظة كذلك، وكانت إحدى نقاط الاشتباك على المستوى الأيديولوجي هي علاقتها الملتبسة بالحداثة والعلمانية، إذ من جهة، كانت الدول الحداثية في الإقليم تعتقد أن هذه الحركات قوى رجعية، تقف حجر عثرة أمام مشروعها الطموح للتقدم، والذي تعد العلمانية إحدى ركائزه الأساسية، ومن جهة أخرى، اتهمتها العديد من الحركات الدعوية التقليدية والسلفية بأن فهمها للإسلام مغلوط، وأن نمط التدين الذي تتبناه وتدعو له غير أصيل، «ملوث» بشوائب الحداثة، ويستبطن قيما علمانية غير إسلامية في جوهرها، وإن قامت الحركات الإسلامية السياسية بإضافة مسحة دينية شكلية عليها.

الإسلام السياسي

المصدر: Maydan

قد يكون الاتهام بالرجعية من قبل النظم الحداثية الحاكمة مسألة بديهية، لأن هذه الحركات في برامجها السياسية ولغة خطابها تؤكد على مرجعية الشريعة الإسلامية، وتستدعي التراث والخبرات التاريخية الإسلامية بأكثر مما تستسيغه ذائقة هذه النظم، لكن الإشكالية الأخرى تبدو ظاهريا متناقضة وغير منطقية، إذ كيف يمكن اتهام حركات تهدف إلى تثبيت المرجعية الإسلامية وتعزيز دورها في النظم السياسية والاجتماعية بالعلمانية؟ 

مناقشة هذه الإشكالية سيحتاج أولا إلى فك مناقشة علاقة الحركات الإسلامية السياسية بالحداثة، وكذلك العلاقة بين مشروع الحداثة والعلمانية، حينها يمكن النظر إلى مظاهر «العلمنة» في الحركات الإسلامية السياسية، ومسبباتها، وأثرها على علاقة هذه الحركات الملتبسة مع المؤسسات السياسية والدينية الأخرى.

العلمانية: المفهوم والتصنيفات

من المتعارف عليه أن الحداثة ظاهرة بالغة التركيب، وأن لها أوجها متعددة، ومظاهر متباينة، سواء في شقها الإبستمولوجي القائم على العلم التجريبي والوضعية والعقلانية ونحو ذلك من سمات فلسفة التنوير الأوروبية، أو السياسي المتمثل في السلطة بشكلها المؤسسي لا الشخصاني، والدستورية، والبيروقراطية المعقدة، والشرعية القانونية، والسياسة الجماهيرية، والفكرة القومية، وغيرها من خصائص الدولة الحديثة، أو بشقها الاقتصادي الذي تشكّل عبر الثورات الاقتصادية المتتالية، وتجسد في منظومة الرأسمالية، أو الاجتماعي الذي يمتاز بالتحضر، أي الانتقال إلى سكنى الحضر، والتخصصية في المجالات الاجتماعية، والفردانية، وتراجع أهمية الروابط التقليدية القبلية والطائفية والجهوية، ونحو ذلك من تجليات.(۱)

لكن الأمر الذي يحتاج إلى مزيد من التوضيح في هذا الشأن هي العلاقة بين الحداثة والعلمانية، وما هي مركزية العلمانية في المنظومة الحداثية؟

تكمن الإشكالية في إجابة هذا السؤال أن العلمانية هي ظاهرة مركبة كذلك، لها مستويات متعددة، ولها درجات متفاوتة. فمن حيث المستويات، يمكن تعريف العلمانية بأربع مقاربات متباينة:

۱. على المستوى المؤسسي Institutional: وهو التعريف الشائع، والذي يدور حول فصل الكنيسة (أو المؤسسة الدينية) عن الدولة، أو الفصل بين السلطة الدينية والسلطة السياسية «أو الزمانية بالتعبير المسيحي»، أو بين مدينة الله ومدينة البشر كما وصفها القديس أوغسطين(۲). وهذا التعريف على شيوعه، يعد تعريفا قاصرا، أولا لأن الانفصال المؤسسي بين المؤسسة التي تجسد السلطة السياسية والمؤسسة العلمائية التي لها السلطة الدينية) بمعنى سلطة تفسير النصوص الشرعية ومراقبة تطبيقها في الحالة الإسلامية (مسألة قديمة، وجدت في المسيحية في العصور الوسطى، وفي الخبرة الإسلامية، ولا شك في أديان أخرى كذلك(۳).

أحد الجوانب الأساسية للأيديولوجية العلمانية هو وضع حد لمظاهر سيادة المؤسسات الدينية على نظيرتها السياسية، وإخضاع المؤسسات الدينية للدولة.

والفصل المؤسسي لم يَحُل أبدا بين التفاعل الدائم بين المؤسستين، اللتين انخرطتا عبر تاريخهما الممتد في علاقات تعاون/تنافس/صراع بشكل مستمر. وبالتالي، فمن الأدق تعريف العلمانية على المستوى المؤسسي أنها دعوة لإنهاء الازدواجية - وبالتالي التنافس/الصراع الناتج عن هذه الازدواجية- بين كلا المجالين من خلال إخضاع أحدهما للآخر. أي إنها صراع على الشرعية والسيادة في سياق هذا الفصل هذا(٤). ومن ثم، فإن أحد الجوانب الأساسية للأيديولوجية العلمانية هو وضع حد لمظاهر سيادة المؤسسات الدينية على نظيرتها السياسية، وإخضاع المؤسسات الدينية للدولة.

۲. على المستوى القيمي Normative: وهو ما يعني فصل المجال السياسي وغيره من النطاقات الاجتماعية كالاقتصاد والقانون وما شابه عن المجال الديني، ومن ثم يكون لكل مجال منظومته القيمية الذاتية المغايرة للمنظومة القيمية للدين(٥). وهذا مرتبط بعدة ديناميات، أهمها التخصصية في المجالات الاجتماعية، أي إمكانية التمييز والفصل بين النطاقات المختلفة للأنشطة الاجتماعية، والخصخصة، أي تآكل الحضور الديني في المجال العام ودفعه إلى نطاقه المتعين المرتبط بالقضايا والممارسات الثيولوجية، وبالتالي حصره في المجال الخاص، مجال الاعتقاد والضمير والسلوك الفردي، وهو مرتبط كذلك بتراجع دور المؤسسات العلمائية في المجالات التي اعتادت أن يكون لها دورا وصائيا عليها أهمها القانون والقضاء، ومجال العلوم والتعليم.

۳. على مستوى الإبستمولوجيا Epistemological: أي رفض المنهجية المعرفية الدينية والتأكيد على الأبستمولوجيا العلمية الوضعية والعلم التجريبي كمصدر وحيد للمعرفة(٦)، وهو الأمر الذي -كما ذكرنا- صحبه تراجع الحضور الديني في مجال العلوم، والانتشار المضطرد للتعليم «المدني» على حساب التعليم الديني. وكذلك، أصبح الإنسان والطبيعة هما الموضوعان الأساسيان للعلوم والبحث الأكاديمي، على حساب القضايا الأخروية والعقائدية المرتبطة بالإله وبعوالم ما وراء الطبيعة، كما تراجعت منهجيات التفكير التي كانت تربط الظواهر الطبيعية المختلفة بقوى خارجية غير مدركة، لتحل محلها منهجيات عقلانية تدرس هذه الظواهر وفق قواعد البحوث التجريبية.

٤. على مستوى الأنطولوجيا Ontological: وهو ما يقدم العلمانية كباراديم مختلف، يرفض ويناقض البرادايم الديني، ويتبنى رؤية مادية للوجود، وهو ما يجعل العلمانية مرتبطة بالإلحاد أو إنكار الحقيقة الدينية بشكل كامل(۷).

نتيجة لذلك، يمكن الزعم بأن العلمانية هي مكونٌ أساسي في الظاهرة الحداثية، يتداخل معه في كافة تجلياته: السياسية، فيما يتعلق بطبيعة السلطة وأسس الشرعية، والاجتماعية، إذ يتداخل معها بفكرتي التخصص في المجالات الاجتماعية، وخصخصة المجال الديني، ومعرفيا، بالتأسيس لأبستمولوجيا جديدة أنتجت نسقا حضاريا وأكاديميا مختلفا، مع ما صاحب ذلك كله من تراجع للحضور الديني ونفوذ المؤسسات الدينية وعلمائها، وقد عبر خوسيه كازانوفا عن هذا التغير بقوله: في عالم ما قبل الحداثة، كان المجال الديني هو الواقع المحيط، وبداخله يسعى الحيز العلماني إلى إيجاد مكانه. أما الآن، فيُنظر إلى المجال العلماني على أنه واقع كلي شامل، يجب على الحيز الديني أن يتكيف معه.(۸)

خوسيه كازانوفا

خوسيه كازناوفا

وفي هذا الإطار، يجب التفريق بين العلمانية كظاهرة اجتماعية مرتبطة بالحداثة Secularity، والعلمانية كأيديولوجيا سياسية أو ما قد يسمى بالعلمانويةSecularism ، فالأولى هي حصيلة جملة من التغيرات الاجتماعية التي أنتجت نسقا حضاريا متمايزا، أما الثانية، فهي أيديولوجيا تؤمن بتبني قيم ومنجزات العلمانية كمشروع سياسي، وتسعى لتطبيقه باستخدام سلطة الدولة(۹).

 بناء على ذلك، يمكن تصنيف العلمانية كأيديولوجيا سياسية إلى عدة أنماط مثالية Ideal types(١٠)حسب معيارين: 

أولا: مدى عملية العلمنة، أي ما إذا كانت تقتصر على المجال السياسي فقط، أم تستهدف المجالات الاجتماعية الأوسع كالاقتصاد والتعليم والقانون والفن وغير ذلك، أو تستهدف المؤسسة الدينية نفسها في المجال العام، وكذلك معتقدات وضمير الأفراد في المجال الخاص بهدف القضاء على الدين كليا.

ثانيا: مدى انخراط الدولة في عملية العلمنة، أي ما إذا كان ينبغي للدولة أن تتقبل الوجود الديني، بل وتدعمه، أو أنها يجب أن تكون محايدة تجاه الأديان كافة، أو أن من واجبها المشاركة في حصر الدين في المجال الخاص، وفرض حماية صارمة للحفاظ على علمانية المجال العام.

وفق هذين المعيارين، يمكن تصنيف العلمانية إلى الأنماط المثالية Ideal types الآتية:

۱. العلمانية الداعمة للدين Religious Secularism، والتي يشار إليها في بعض الأحيان بالعلمانية الاستيعابية Accomodationist Secularism، أو العلمانية الجزئية Partial Secularism بتعبير عبدالوهاب المسيري، أو السلبية Passive بتعبير تشارلز تيلور، وهي العلمانية التي تتبنى الفصل المؤسسي بين المؤسسة الدينية والدولة (أي جهاز الدولة البيروقراطي) أو بين الدين والمجال السياسي (في أضيق معاني السياسة)، لكنها تؤيد الدور الأخلاقي الفعال للدين في المجال العام، وتقوم على حماية الحريات الدينية، وتقدم الدعم المادي للمؤسسات الدينية، كدور العبادة، والمدارس الدينية، وهذا دون أي تمييز إيجابي لدين بعينه(۱۱).

۲. العلمانية المعادية للدين Anti-religious Secularism، وهي التي تسمى عادة باللائكية Laïcité، وهي قريبة مما وصفه المسيري بالعلمانية الشاملة Comprehensive Secularism، وما أسماه تيلور بالعلمانية الجازمة Assertive Secularism، وهي علمانية عدوانية ومتشددة، ذات نظرة مادية للوجود، تهدف إلى علمنة جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك تتدخل في الحياة الخاصة للأفراد في محاولة لتحييد القناعات الدينية، أي أنها تسعى لنفي الدين من المجال العام، ولا تتسامح مع التدين الشخصي للأفراد(۱۲).

۳. بين الموقف الإيجابي الداعم والعدائي المناهض يوجد نمطين آخرين، كلاهما له موقف أقرب للحياد، وهما الذين يمكن ترجمتهما إلى علمانية متسامحة مع الدين Areligious Secularism، وعلمانية غير مرحبة بالدين Irreligious Secularism، الأولى أقرب للعلمانية الدينية في تقبلها لتواجد الدين في المجال العام، وفي حرصها على الحريات الدينية، لكنها بخلافها تقف موقفا متشددا إزاء أي دعم حكومي أو علاقة قريبة للدولة بالمؤسسات الدينية، والثانية، أي العلمانية غير المرحبة بالدين، تقف كذلك موقفا متشددا من أي دعم حكومي للمؤسسات الدينية، لكنها تتشدد أيضا إزاء أي حضور للدين في المجال العام، إلا أنها لا تصل في ذلك إلى محاولة السيطرة على المجال الديني ذاته، أو التدخل في المجال الخاص كما في حالة العلمانية المناهضة للدين(۱۳).

كانت العلمانية محاولة للحصول على نسخة أكثر دنيوية، وأكثر عقلانية وواقعية، وأقل غيبية للدين تتوافق مع الحداثة.

وفق هذا المنظور، فإن العلمانية يمكن تعريفها أنها أيديولوجيا سياسية أو رؤية كونية - في أشكالها الشمولية - تهدف إلى إعادة صياغة الدين وفق شروط الحداثة، وأن تتحكم في وظائفه ومظاهره الاجتماعية في كلا المجالين العام والخاص، وهي ليست بالضرورة معادية للدين، بل قد تشكل أنماطا غير تقليدية من التدين(۱٤). فبعد أن غيرت الحداثة من السياقات السياسية والاجتماعية والفكرية، وأنهت أنماط التدين البسيطة(۱٥)، كانت العلمانية محاولة للحصول على نسخة أكثر دنيوية، وأكثر عقلانية وواقعية، وأقل غيبية للدين تتوافق مع الحداثة، وهو ما استلزم إعادة تعريف وتقييد بعض الوظائف والأدوار الاجتماعية التي تؤديها المؤسسات الدينية العلمائية، وإخضاعها للسلطة السياسية، وفي بعض أنماط العلمانية المتطرفة، كان ذلك يعني استبدال الدين كليةً بمنظومات أيديولوجية عقدية، أو ما يمكن وصفه بالأديان الوضعية(۱٦).

ما «العلماني» في الحركات الإسلامية السياسية؟

الحركات الإسلامية السياسية، المعروفة باسم حركات الإسلام السياسي Political Islam، أو الحركات الإسلاموية Islamism، تعرّف عادة أنها نشاط سياسي يستلهم الدين الإسلامي، أو حركة فكرية وسياسية معاصرة تسعى لجعل المجتمع والسياسة متوافقين مع الإسلام(۱۷)، أو أنها حركة تسعي إلى جعل الإسلام حاكما على كافة مجالات الحياة من الإيمان والفكر إلى السياسة والإدارة والقانون، والبحث عن حل لمشكلة تخلف الدول الإسلامية مقارنة بالغرب عن طريق الوحدة والتضامن بين المسلمين(۱۸).

لكن إحدى الإشكاليات الأساسية في تعريف الحركات الإسلامية السياسية هو أن العديد من الأنساق الأيديولوجية ومن الأشكال المؤسسية تدخل تحت هذا المسمى. فمؤسسيا، على سبيل المثال، قد يكون لهذه الحركات أشكالا متعدِّدة: أحزاب سياسية، هيئات دعوية، مؤسسات خيرية، جماعات ضغط، مجموعات مسلَّحة، أو أشكال أخرى هجينة(۱۹). أما أيديولوجيا، فهناك عدة أنماط تختلف باختلاف مدى اعتدالها أو راديكاليتها، أو طبيعة نموذج الدولة الإسلامية الذي تتباه، ووفق هذا المعيار الأخير، يمكن التمييز بين أربعة أنماط من الأيديولوجيا الإسلاموية:

۱. الإسلاموية السلطوية التقليدية، وهي التي تحاول الحفاظ على الصيغ التقليدية للحكم الإسلامي في ظل المجتمعات الحداثية، فتكون السلطة أبوية مشخصنة في منصب الإمام، الذي يتمتع بمجموعة واسعة من السلطات التنفيذية، وبفترات ولاية غير محددة، وتكون للأمة فيها مساحة ضئيلة للمشاركة السياسية، ولا يُسمح إلا لعلماء الدين بلعب دور سياسي من خلال تقديم المشورة للإمام.

۲. الإسلاموية الحداثية الديمقراطية، وهي التي تؤمن أن الأمة الإسلامية هي مركز النظام السياسي الإسلامي، وهي الخليفة الحقيقي لله، لذلك فهي المنوط بها مهمة تطبيق الشريعة، وهي مصدر شرعية الحاكم، ومهمتها أن تراقبه وتحاسبه، أي أن العلاقة بين الحاكم والأمة هي علاقة تعاقدية، والسلطة السياسية مؤسسية ومُقسمة، ومحددة بالدستور.

۳. الإسلاموية شبه الثيوقراطية، وهي التي تعطي علماء الشريعة اليد العليا في النظام السياسي الإسلامي، وهي التي تتمثل بشكل نمطي في نظرية ولاية الفقيه الشيعية، وإن كانت لا ترتبط فقط بالمذهب الشيعي، إذ أن لها نظائر في الحالة السنية، كحركة المحاكم الشرعية في الصومال، وحركة طالبان الأفغانية، كما أن لها سندا من الفقه الإسلامي التراثي، الذي جعل من ضمن شروط الإمام أن يكون عالما العلم المفضي إلى الاجتهاد.

٤. الإسلاموية المثالية الشمولية، وهي المتمثلة في نظرية الحاكمية عند أبي الأعلى المودودي وسيد قطب، وفيه تتجسد الشريعة الإسلامية في قالب أيديولوجي مغلق على الطراز الفاشي، يستعير منطقا قريبا من منطق الفلسفة المثالية الألمانية لتدعيم فرضياته الخاصة بالنظام السياسي والاجتماعي، وهو المنطق الذي يربط هذه النظم الحياتية بمنطق علويّ وكليّ يحكم الوجود، ولا يجعلها ثمرة للتوافقات المجتمعية، أو الاجتهادات البشرية(۲۰).

ولا نحتاج إلى كثير نقاش لنؤكد أن ظاهرة الحركات الإسلامية السياسية هي ظاهرة حداثية، فكما أوضح عددٌ من الأكاديميين، أن هذه الظاهرة لم تكن ممكنة بغير الحداثة، وأنها ردة فعل على الحداثة، بقدر ما هي منتج لها(۲۱)، فهي استفادت من الحداثة أمورا متعددة، من أهمها: إنتاجها للأيديولوجيا الإسلامية، على نسق الأيديولوجيات السياسية الحداثية كالقومية والرأسمالية والاشتراكية، واعتمادها الأشكال الحداثية في التنظيم وفي الدعاية السياسية وفي التجنيد والتربية «أو بناء الذات Subject production» للأعضاء.

وهكذا، دخل إلى منظومة المؤسسات التي كانت تاريخيا هي الفواعل الاجتماعية والسياسية في المجتمعات المسلمة كالفرق والمذاهب الفقهية والمدارس الكلامية والطرق الصوفية مؤسسات جديدة كالحزب الإسلامي والحركة الاجتماعية الإسلامية، ودخل إلى معجم البرامج الإصلاحية لهذه المؤسسات مفردات جديدة مثل النظام السياسي الإسلامي والنظام الاقتصادي الإسلامي والجمهورية الإسلامية، ونحوها.

فإذا كانت الحركات السياسية الإسلامية ظاهرة حداثية، وإذا كانت العلمانية هي إحدى السمات الأساسية في الظاهرة الحداثية، فهل تسرب شيءٌ من سمات العلمانية إلى هذه الحركات؟ 

إذا كانت العلمنة هي عملية إعادة إنتاج التدين وفق شروط الحداثة، كما عرّفنها سابقا، فمما لا شك فيه أن الحركات الإسلامية السياسية قد انخرطت في هذه العملية، وأسهمت كما ذكرنا في إنتاج نسخ حداثية من التدين، لكن هذه الانخراط لم يكن للسيطرة على المجال الديني، وتحجيم دوره كهدف الحركات السياسية العلمانية، بل على العكس، كان الهدف هو الحفاظ على فاعلية وملاءمة الإسلام كمرجعية في التنظيم الاجتماعي والسياسي في المجتمعات المسلمة الحديثة. لكن تحقيق هذا الهدف تطلب منها أن تخضع لإملاءات الحداثة في أمور عدة، مما أكسب هذه الحركات سمات علمانية، أهمها:

۱. الأيديولوجيا قبل الثيولوجيا

السمة الأولى لتعلمن الحركات الإسلامية السياسية، هي أن إسهامها الرئيس لم يكن في القضايا العقدية أو الفقهية، فهي لم تأت بأفكار جديدة لتجديد الفقه وأصوله، أو طرحت رؤى جديدة تتعلق بمسائل العقيدة وعلم الكلام، وإنما كانت هذه المسائل ثانوية بالنسبة لها، وكان التركيز الأهم هو هذا العالم، أي إدارة الشأن السياسي والاجتماعي، وكان إسهامها في هذا الإطار هو طرح أيديولوجيا (أو عدة نسخ أيديولوجية) لتنظيم إدارة السلطة والثروة داخل المجتمعات المسلمة. 

الأيديولوجيا السياسية هي بناء فكري حداثي، أكثر منهجية وتماسكًا وشمولية ودنيوية من الأعراف والعادات الدينية، حيث إن ظهورها وتطورها قد تشكل إلى حد كبير من خلال النموذج العقلاني والعلماني لعصر التنوير.

صحيحٌ أنه في حقبة ما قبل الحداثة، كانت القيم الدينية والأحكام المتعلقة بالسلطة والثروة والتنظيم الاجتماعي مرجعية أساسية داخل المجتمعات المسلمة، إلا أنها كانت تأخذ شكل الأعراف والعادات، أو الأحكام الشرعية الجزئية، وهو ما يمكن اعتباره أيديولوجيا أولية Proto-ideology، ولم تكن رؤى تفصيلية محكمة البناء لتشكل أيديولوجيا(۲۲). فالأيديولوجيا السياسية هي بناء فكري حداثي، أكثر منهجية وتماسكًا وشمولية ودنيوية من الأعراف والعادات الدينية، حيث إن ظهورها وتطورها قد تشكل إلى حد كبير من خلال النموذج العقلاني والعلماني لعصر التنوير(۲۳). لذلك كانت الأيديولوجيات المستمدة من أصل ديني كالإسلاموية تميل إلى التعامل بشكل أقل مع القضايا الميتافيزيقية والثيولوجية، وتركز بشكل أساسي على القضايا الاجتماعية والسياسية. ولذلك أيضا، بالاطلاع على البرامج الحزبية والانتخابية لهذه الحركات، يمكن الزعم أنها لم تعد ترى الوظيفة الأساسية للسلطة السياسية أنها أداة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو لحفظ الدين وسياسة الدنيا به، بقدر تصورها لهذه السلطة باعتبارها أداة للإدارة الفعالة لموارد الدولة لتحقيق التنمية والتقدم داخل المجتمعات المسلمة. 

۲. العقلنة والمصلحة، وليس الإيمان والتسليم

استعارة القالب الأيديولوجي لتقديم الأحكام الشرعية والقيم الدينية المتعلقة بإدارة معاش الناس من خلاله طبع الرؤى الإصلاحية والبرامجية، بل ولغة خطاب الحركات الإسلامية السياسية بطابع حداثي علماني، وذلك من ثلاث جهات: أولها، أنها أسهمت من حيث لا تدري في تراجع مركزية العقائد الدينية المرتبطة بالله، وقضايا الإيمان والغيبيات، لصالح مركزية هذا العالم والإنسان، لأن الإسلام كدين كان يتجادل مع الأديان الأخرى مثل المسيحية واليهودية، حول هذه القضايا العقيدية بالأساس، أما الإسلاموية كأيديولوجية سياسية، فقد قدمت نفسها معادلا للرأسمالية والليبرالية والاشتراكية، وانخرطت معها في صراع حول رؤاها في إدارة السلطة والثروة داخل المجتمع.

ثانيا، أن هذه الحركات لم تقدم الأحكام والقيم الدينية المتعلقة بالشرائع الحياتية كفرض ديني واجب الاتباع، وجزءا من مستلزمات الإيمان التي نطبقها تسليما، بل تم عقلنة هذه الأحكام والقيم، وطرحها كحلٍ يقتضيه المنطق ويحقق المصلحة، وكبرنامج منافس ضمن برامج أخرى، ثالثا، نظرا لأن النصوص الشرعية جاءت فيما يخص مسائل الحكم وتنظيم أمور المعاش بصيغ عامة، وحمالة أوجه، فإن الحركات الإسلامية السياسية استعانت في أحيانٍ كثيرة بالأطروحات الأيديولوجية العلمانية في تقديم رؤاها وقيمها(۲٤)، وهو ما ساعد على انتشار وترسيخ المعيارية الحداثية، ومنطقها في التفكير والاستدلال، مثل المنطق الليبرالي الديمقراطي الذي استخدمه الديمقراطيون الإسلاميون للتأكيد على التناظر بين الشورى والديمقراطية، أو مقاربة الاشتراكية للعدالة الاجتماعية التي استخدمها ما سمي باليسار الإسلامي، في الدفاع عن «الاشتراكية في الإسلام». 

۳. المفكر والناشط الديني، محل العالم الشرعي

إذا كان من سمات العلمانية هو تحجيم سلطات المؤسسات الدينية، وإخضاعها للسلطة السياسية، وحرمان علماء الدين من أي امتياز أو أدوار وصائية أثناء عملية صنع السياسات(۲٥)، فإن الحركات الإسلامية السياسية يمكن اعتبارها قوى متعلمنة من هذا الوجه أيضا، لأنها أسهمت – بقصد أو غير قصد – في تحقيق هذا الهدف، ففور ظهورها، نافست الحركات الإسلامية السياسية المؤسسات الدينية العلمائية في مركزها كمرجعية دينية في المجتمعات المسلمة، حيث استفادت من منجزات الحداثة كانتشار التعليم والطباعة، والتي أسهمت في وجود طبقة واسعة من المتعلمين، وإتاحة الكتب الشرعية الإسلامية لهذه الطبقة، لينتج عن ذلك ظاهرة المفكر والمنظّر والناشط الإسلامي، الذين تجاوزوا المقولات والمنهجيات التقليدية للمؤسسات العلمائية، وطرحوا رؤاهم الأيديولوجية، بل روجوا لها داخل المجتمعات المسلمة، وقد أدى تراجع دور القوى والروابط المجتمعية التقليدية إلى نجاح هذه الحركات في بناء جماهيرية كبيرة، واجتذاب عضوية قطاعات واسعة من الأمة على حساب تراجع جمهور ونفوذ وتأثير المؤسسات الدينية(۲٦).

علاوة على ذلك، فقد واكبت الحركات الإسلامية السياسية، باستثناء تلك التي تتبنى أيديولوجيا إسلاموية شبه ثيوقراطية، المنطق الحداثي في التمييز والفصل بين المجالات الاجتماعية، وتقليل دور المؤسسات العلمائية خارج المجال الديني، خصوصا المجالات التقنية كالأكاديميا والعلوم ونحوهما، كما كان لانخراط هذه الحركات في السياسة على النسق الحداثي أثرٌ في تبنيها الصيغة المؤسسية لعلاقة السلطة السياسية والدينية، عوضا عن العلاقة العضوية التي تتداخل فيها الوظيفتان معا كما كان الحال في الخبرة الإسلامية التقليدية، وفي نزعتها الجماهيرية على حساب التصور النخبوي التقليدي للعلماء داخل منظومة الحكم الإسلامي. 

خاتمة

تعد مناقشة مظاهر العلمنة في الحركات الإسلامية السياسية مسألة إشكالية، إذ أنها تتطلب اشتراطين بالغي الصعوبة: أولا، تجاوز التعريفات التقليدية والنمطية للعلمانية، والتي اتفق كثيرٌ من المفكرين الإسلاميين وعلماء الشريعة أنها لا تتوافق مع السياق الإسلامي، الذي لا يعرف وجود مؤسسات دينية أو «رجال دين»(۲۷)، وثانيا، وهو الأصعب، تجاوز الموقف القيمي والأيديولوجي من مسألة العلمانية، والتي تعد – من وجهة نظر الحركات الإسلامية السياسية – اتهاما غير مقبول، إذ تعتبرها مظهرا من مظاهر الاستعمار والغزو الفكري، نهضت هذه الحركات لمقاومته.

هذه الورقة حاولت أن تلبي كلا الاشتراطين، فحاولت أن تقدم تعريفا للعلمانية باعتبار أنها عملية تحديث للدين ووظائفه الاجتماعية، وبالتالي هي ليست بالضرورة معادية للدين، وكذلك فإن أثرها على مرجعية الدين وحضوره في المجال العام ليس بالضرورة سلبي في كافة الأحوال، ومن هنا، لا تتبنى هذه الورقة موقفا معياريا من العلمانية باعتبارها صوابا أو خطأ، بل تتناولها باعتبارها ظاهرة اجتماعية وسياسية وثقافية مرتبطة بالحداثة، أثرت على مفهوم الدين، وأسهمت في انتاج أنماط من التدين غير تقليدية.

تدعم الإسلاموية الديمقراطية التحديثية الفكرة المؤسسية ومركزية الجماهير في النظام السياسي مثل أغلب أنماط النظم العلمانية، وفي المقابل، تتبنى كلا الأيديولوجيتين الإسلاموية المثالية والعلمانية المعادية للدين نموذج الدولة الشمولية.

وفق هذه الرؤية، لا يعتبر المجادلة بوجود مظاهر للعلمنة في بنية وسلوك الحركات الإسلامية السياسة اتهاما يجب دفعه، أو سمة إيجابية يجب تعزيزها، بل مجرد فرضية بحثية يجب التحقق منها. وقد حاولت هذه الورقة ضمن تقديمها لأنماطٍ متعددة سواء للعلمانية أو للأيديولوجيا الإسلاموية أن تُظهر مساحة من التقاطع والتناظر بين بعض هذه الأنماط، فعلى سبيل المثال، تدعم الإسلاموية الديمقراطية التحديثية الفكرة المؤسسية ومركزية الجماهير في النظام السياسي مثل أغلب أنماط النظم العلمانية، وفي المقابل، تتبنى كلا الأيديولوجيتين الإسلاموية المثالية والعلمانية المعادية للدين نموذج الدولة الشمولية، التي تتحكم في كلا المجالين العام والخاص، وإن اختلفتا بطبيعة الحال في موقفهما شديد التناقض من الدين.

وملخص ما تطرحه هذه الورقة أن الحركات الإسلامية السياسة – كحركة حداثية – أظهرت بعض السمات العلمانية، إذ صارت مشغولة في برامجها وأطروحاتها الأيديولوجية بالقضايا المرتبطة بإدارة شؤون المعاش أكثر مما هو متوقع من حركة إصلاحية دينية، في حين اختفت من أجندتها الأمور المتعلقة بقضايا العقيدة وتصحيحها، وأصول الفقه والاجتهاد، ونحو ذلك، كما أنه في دعايتها لأفكارها وبرامجها الإصلاحية اعتمدت كثيرا المنطق الحداثي في التركيز على العقلانية والمصلحة، مقارنة بمنطق الحكم الشرعي والدعوة إلى التسليم بالنص، بل وفي منطقها كانت تتماهي في أحيان كثيرة مع منطق الأيديولوجيات العلمانية المناظرة لها كمنطقها في الدفاع عن قيم الشورى والعدالة، علاوة على ذلك، فقد كان لوجودها ونشاطها أثرٌ سلبيٌ على حضور المؤسسات الدينية العلمائية، وخصما من أدوارها الاجتماعية، وحل الناشط الإسلامي والمثقف الإسلامي والمفكر الإسلامي، الذين تعلموا تعليما «مدنيا» ويعملون بوظائف «مدنية»، محل علماء الشريعة في قيادة وتوجيه وبناء رؤى وأطروحات هذه الحركات.

هذه السمات في بينية وأيديولوجيا وطبيعة نشاط الحركات الإسلامية السياسية تعد مسألة متوقعة، فالحداثة التي غزت المجتمعات المسلمة بدرجات متفاوتة منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر أوجدت واقعا جديدا، كان على الفئات المتدينة داخل هذه المجتمعات أن تتعاطى معه وتستجيب له، أي أن هذه الحركات تعاطت إيجابيا مع العلمانية كظاهرة اجتماعية Secularity، ولم تتبنها كأيديولوجيا سياسية Secularism. كذلك، لأن المجتمعات المسلمة دخلت إلى الحداثة – في أغلب الأحوال – في سياق مأزوم، مرتبط بأزمة التخلف الحضاري، والتفوق الاستعماري الغربي، كان من البديهي أن تنشغل هذه الحركات بسؤال النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وبإشكالية التقدم والتخلف أكثر من انشغالها بالقضايا الثيولوجية البحتة. وبالمحصلة، يمكن القول إن هذا التعاطي كان له أثرٌ إيجابي من حيث نجاح هذه الحركات في الدفاع عن مرجعية الدين والتدليل على فاعليته في المجتمعات الحديثة، ومن حيث قدرتها على كسب الأنصار لرؤاها وأطروحاتها الأيديولوجية، وحشد الموارد البشرية والمادية بفاعلية عالية في القضايا السياسية والاجتماعية التي تبنتها.

لكن يبقى، في النهاية، أن هذا التهجين جعل الحركات الإسلامية السياسية في مرمى الانتقاد من أطرافٍ عدة كما ذكرنا سابقا، فالحركات الإسلامية السلفية والمؤسسات العلمائية المحافظة رأت أن هذه الظاهرة سعت إلى عصرنة الدين عوضا عن تديين العصر، وأن رؤاها وبرامجها الأيديولوجية تعبر عن اجتهادات وقراءات منتحلة وغير أصيلة، وأن أعضاءها، بل ومنظّريها أنفسهم، يفتقرون إلى التأهيل العلمي الملائم في المجال الشرعي. أما النظم والأحزاب السياسية العلمانية، فرأوا طرح هذه الحركات – على الرغم من محاولاتها التحديثية – طرحا رجعيا، يستدعي التراث ويتمسك بالخصوصية بأكثر مما ينبغي، وفي نفس الوقت، يستحضر المنطق الديني – بما يمتاز به من حدية وقداسة – فيما تطرحه من رؤي وبرامج من طبيعتها النسبية والاختلاف.


الهوامش

(١) Christopher Pierson, The modern state (London and New York: Routledge, 2004), 28.

(٢) Craig Calhoun, Mark Juergensmeyer, and Jonathan Van Antwerpen “Introduction” in Rethinking Secularism, eds. Calhoun, Juergensmeyer, and Van Antwerpen, 12 (New York: Oxford University Press, 2011).

(٣) Talal Asad, Formations of the Secular: Christianity, Islam, Modernity (Stanford; California: Stanford University Press, 2003), 2.

(٤) Ahmet Davutoglu, “Philosophical and Institutional Dimensions of Secularism”, in Islam and Secularism in the Middle East, eds. John Esposito and Azzam Tamimi, 180 (London: C. Hurst & Co., 2002).

(٥) Heba Raouf Ezzat, “Secularism, The State and the Social Bond” in Islam and Secularism in the Middle East, eds. John Esposito and Azzam Tamimi, 125 (London: C. Hurst & Co., 2002).

(٦) William H. Swatos and Kevin J. Christiano, “Secularization Theory: The Course of a Concept”, Sociology of Religion 60,3 (1999): 212

(٧) Azzam Tamimi, “The Origin of Arab Secularism” in Islam and Secularism in the Middle East, eds. John Esposito and Azzam Tamimi, 15 (London: C. Hurst & Co., 2002).

(٨) Jose Casanova, Public Religion in the Modern World (Chicago: University of Chicago Press, 1994), 15.

(٩) Monika Wohlrab-Sahr and Marian Burchardt, “Multiple Secularities: Toward a Cultural Sociology of Secular Modernities”, Comparative Sociology 11 (2012): 882.

(١٠) يعرّف ماكس فيبر «النمط المثالي» بأنه بنية عقلية قياسية (unified mental construct) تُستخدم لأغراض التحليل النظري، لكنها لا توجد واقعيًّا في نقائها المفاهيمي، ولا يمكن العثور عليها بشكل تجريبي.

(١١) Abdul-Wahab Al-Messeri, “Secularism, Immanence, and Deconstruction” in Islam and Secularism in the Middle East, eds. John Esposito and Azzam Tamimi, 67 (London: C. Hurst & Co., 2002).

Winnifred Fallers Sullivan, “Varieties of Legal Secularism”, in Comparative Secularisms in a Global Age, eds. Linell E. Cady and Elizabeth Shakman Hurd, 109-110 (New York: Palgrave Macmillan, 2010).

(١٢) Al-Messeri, “Secularism, Immanence, and Deconstruction” in Islam and Secularism in the Middle East, 68.

Olivier Roy (trans. by George Holoch), Secularism Confronts Islam (New York: Columbia University Press, 2007), xii.

(١٣) Ahmet T. Kuru, Secularism and State Policies Toward Religion: The United States, France, and Turkey (New York: Cambridge University Press, 2009),33,44.

Winnifred Fallers Sullivan, “Varieties of Legal Secularism”, in Comparative Secularisms in a Global Age, 109-110.

(١٤) Linell E. Cady and Elizabeth Shakman Hurd, “Comparative Secularisms and the Politics of Modernity: An Introduction” in Comparative Secularisms in a Global Age, eds. Linell E. Cady and Elizabeth Shakman Hurd, 3 (New York: Palgrave Macmillan, 2010).

(١٥) Charles Taylor, A Secular Age (Cambridge; Massachusetts: The Belknap Press of Harvard University Press, 2007), 19 - 20.

(١٦) Manfred B. Steger, “Religion and Ideology in the Global Age: Analyzing al Qaeda’s Islamist Globalism”, New Political Science 31 (2009): 530.

(١٧) Mohammed Ayoob, The many faces of political Islam: religion and politics in the Muslim world (Singapore: NUS Press, 2008), 11.

(١٨) Yasin Aktay, “The Ends of Islamism: Rethinking the Meaning of Islam and the Political”, Insight Turkey 15, 1 (2013): 114.

(١٩) محمد عفان، تحولات الإسلام السياسي في نظام إقليمي متغير، (إسطنبول: منتدى الشرق، ٢٠١٩م)، ص٥.

(٢٠) راجع: محمد عفان، إشكالية الحكم الإسلامي والدولة الحديثة، (الدوحة: منتدى العلاقات العربية الدولية)، سبتمبر ٢٠١٤.

(٢١) Ayoob, The Many Faces of Political Islam, 34.

(٢٢) Hassan Rachik, “How Religion Turns into Ideology”, The Journal of North African Studies 14 (2009): 375.

(٢٣) أندرو هيود، ترجمة محمد صفار، مدخل إلى الأيديولوجيات السياسية، (القاهرة: المركز القومي للترجمة، ٢٠١٢م)، ص14-15.

(٢٤) William E. Shepard, “Islam and Ideology: Towards a Typology”, International Journal of Middle East Studies19,3 (1987): 315.

(٢٥) Bjørn Olav Utvik, “A Question of Faith? Islamists And Secularists Fight Over the Post-Mubarak State”, Contemporary Arab Affairs 10,1 (2017): 94-95.

(٢٦) Ayoob, The Many Faces of Political Islam, 27-29.

Rachik, “How Religion Turns into Ideology”, 351-352.

(٢٧) يوسف القرضاوي، التطرف العلماني في مواجهة الإسلام: نموذج تركيا وتونس، (القاهرة: دار الشروق، ٢٠٠١م)، ص١٩-٢٥.