نظرة عامة في أهم طرق جمع المعلومات

نظرة عامة في أهم طرق جمع المعلومات

لتوضيح المبادئ العامة للملاحظة، اخترنا مثالين يتعلقان تباعًا بالبحث بالاستبيان وبدليل المقابلة. لقد اخترنا هاتين الطريقتين، وكان يُمكن أن نختار غيرهما، فهما ليستا أفضل من الطرق الأخرى ولا أسوأ منها، إذ إن الأمر مداره على أهداف البحث ونموذج التحليل وخصائص المجال المدروس. وعلى سبيل المثال، إذا كنت تدرس محتوى مقالات صحفية، فإن استخدام استبيان أو دليل مقابلة لا معنى له.

لذلك سننهي هذه الخطوة المتعلقة بالملاحظة بتقديم بعض الطرق الرئيسة في جمع المعلومات تقديمًا نقديًّا، وذلك تحقيقًا لهدف ذي شقين: أولًا: لإثبات وجودها وأن طرق البحث الاجتماعي لا تقتصر على استخدام الاستبيانات أو أدلة المقابلات؛ ثانيًا: مساعدة من يقومون ببحث ميداني على اختيار الطرق التي يحتاجونها بأكبر قدر من الانتباه. وسنعرض في الخطوة الآتية صورة عامة أخرى مشابهة، لكنها تتعلق بطرق تحليل المعلومات.

لا يمكنك التعرف على طريقة بحث تعرفًا صحيحًا حتى تجربها بنفسك. لذا وقبل اختيار إحداها، عليك التأكد -ممن يُتقنها من الباحثين- أنها مناسبة لأهداف البحث وفرضياته والموارد المتاحة له. ولا يُمكن للصُّورة العامة الآتية أن تحل محل هذا المسار، ولكننا نحسب أنها يُمكن أن تساعد في إعداده على نحو مفيد.

وهنا، لن يعود مصطلح "طريقة/منهج" يُفهم بالمعنى الواسع لأداة شاملة لتوضيح الواقع؛ بل بمعنى أكثر تقييدًا، أي بوصفه أداة مخصوصة لجمع المعلومات أو تحليلها، تستهدف اختبار فرضيات بحث. وبهذا المعنى الدقيق، تعد المقابلات الجماعية والبحث بالاستبيان وتحليل المضمون، أمثلة على طرق البحث في العلوم الاجتماعية.

عند تنفيذ طريقة، يُمكننا استخدام تقنيات مخصوصة، مثل تقنيات اختيار العينات، وهي إجراءات متخصصة لا هدف لها في ذاتها. وبالمنطق نفسه، تستدعي الأدوات المنهجية بالضرورة فروعًا معرفية مساعدة مثل الرياضيات والإحصاء، وعلم النفس الاجتماعي على وجه الخصوص.

ولتسهيل المقارنات -وإن كان في ذلك تبسيط وإخلال- قمنا باختزال الصورة العامة وقصرها على المناهج الشائعة وحاولنا عرضها كلها بالشكل نفسه، وباختصار شديد، نقول إن كل جذاذة تقنية لا بد أن تتضمن في الحد الأدنى:

-  عرضًا عامًّا للمنهج.

-  عرضًا لمتغيراته الرئيسة.

-  بيانًا للأهداف التي تستدعي استخدامه بشكل خاص.

-  عرض مزاياه الرئيسة.

-  بيان حدوده والمشكلات التي يطرحها.

-  إشارة إلى المناهج الأخرى التي يتوافق معها في كثير من الأحيان.

- بضع كلمات عن الدربة المطلوبة لتنفيذه، باستثناء كل ما يتعلق بالتدريب المنهجي العام.

- بعض المراجع الببليوغرافية المخصصة لمن يرغب في مزيد من التعرف على المنهج المعتمد. وسيجد القارئ بعض الأعمال غير المخصصة لمنهج معين في الببليوغرافيا العامة في نهاية هذا الكتاب. كما سيجد من ناحية أخرى في نهاية الخطوة الآتية، بعض الأمثلة على أبحاث نُشرت نتائجها؛ لأن كل بحث مخصوص يستخدم في الغالب عدة مناهج مختلفة.

أهم طرق جمع المعلومات

1- البحث بالاستبيان

أ- تقديم

يتمثل البحث بالاستبيان في أن نطرح على مجموعة من المستجوَبين (مجتمع كامل أو عينة) سلسلة من الأسئلة عن وضعهم الاجتماعي والمهني والأسري، وآرائهم، وموقفهم من بعض الخيارات أو القضايا الإنسانية والاجتماعية، وتوقعاتهم، ومستوى معرفتهم أو إدراكهم لحدث أو مشكلة ما، أو عن أي موضوع آخر يهم الباحثين. ويختلف البحث بالاستبيان ذي المنظور السوسيولوجي عن سبر الآراء البسيط؛ لأنه يستهدف التحقق من فرضيات ما ودراسة العلاقات بين المتغيرات التي تقترحها تلك الفرضيات. وهذا ما يجعل تلك البحوث الميدانية في عمومها أكثر رسوخًا وأكثر تفصيلًا من سبر الآراء.

وفي معظم الأحيان، يتدخل الاستبيان في عملية إنتاج بيانات رقمية تهدف إلى قياس و/أو فهم ظاهرة اجتماعية. وبهذا المعنى، فهو أداة لموضعة (objectivation) الظواهر الاجتماعية الملاحظة. إنه يترجم الرؤية المبسطة التي يراها الباحث للواقع الاجتماعي من منظور نموذج التحليل الخاص به. ولا شك أن الاستبيان لا يمكنه أن يُؤدي هذا الدور دون حد أدنى من التوحيد (standardisation). ويمكن لهذه التوحيد أن يكون صارمًا حين لا يتضمن الاستبيان سوى أسئلة مغلقة (يضطر المستجوب إلى اختيار إجابة وحيدة من بين إجابات محددة مسبقًا من قبل الباحث)، كما يُمكن أن يكون التوحيد خفيفًا حين تكون أسئلة الاستبيان نصف مفتوحة (يمكن للمستجوب أن يختار إجابة غير تلك المقدمة بعد السؤال) أو مفتوحة بالكامل (لا يتبع السؤال أي إجابة مقترحة).

ب- تنويعات

يُسمى الاستبيان استبيان "توجيه غير مباشر" حين يملأ الباحث الاستمارة بنفسه انطلاقًا من الإجابات التي قدمها له المستجوب. ويُسمى استبيان "توجيه مباشر" حين يملأ المستجوب الاستمارة بنفسه. وفي هذه الحالة، تُسلم استمارة الاستبيان للمستجوب يدًا بيد من قبل باحث مكلف بإعطاء جميع التفسيرات المفيدة، أو تُرسل بطريق غير مباشر بالبريد أو أي وسيلة أخرى. وغني عن البيان أن الإجراء الأخير غير موثوق ولا يُستخدم في البحث الاجتماعي إلا عند الضرورة القصوى، لأن إمكان سوء تفسير الأسئلة يغدو كبيرًا، ولأن عدد الإجابات يكون بشكل عام منخفضًا. وفي المقابل، فإن استخدام الهاتف أضحى شائعًا في هذا النوع من البحوث الميدانية.

كما تستخدم البحوث الميدانية على الإنترنت استخدامًا متزايدًا في أبحاث العلوم الاجتماعية، وبخاصة البحوث الكمية. والمزية الرئيسة هنا هي إمكان الوصول إلى جمهور كبير جدًا بتكلفة منخفضة. لكن هذا لا يخلو من مشكلات عدة، ومنها على وجه الخصوص صعوبة الحصول على عينة عشوائية وعلى جودة كافية على مستوى الإجابات([1]).

ج- الأهداف التي تُناسبها هذه الطريقة بشكل خاص

معرفة مجتمع على حالته: ظروفه وأنماط عيشه وسلوكه وممارساته وقيمه وآرائه.

تحليل ظاهرة اجتماعية نعتقد إمكان فهمها فهمًا أفضل من خلال معلومات متعلقة بأفراد مجتمع الدراسة. أمثلة: تأثير السياسات المتعلقة بالأسرة أو إدخال الحواسيب الصغيرة في التعليم.

• الحالات التي يكون يجب فيها إجراء مقابلة مع عدد كبير من الناس بوجه عام، سواء تعلق الأمر بمجمل مجتمع الدراسة أو بعينة منه. وبالنسبة للعينات، تُطرح مشكلة التمثيلية، وإن كانت لا تمس جميع أنواع العينات.

د- المزايا الرئيسة

إمكان تكميم بيانات متعددة، ومن ثمَّ إجراء تحليلات عديدة ومتنوعة.

• إمكان تلبية المتطلبات الأساسية الضرورية أحيانًا لتمثيل جميع المستجوبين. ومع ذلك، يجب التأكيد بأنه قد يصعب أحيانًا تحقيق هذه التمثيلية في حالة عدم وجود إطار لأخذ العينات مثلاً، أو في حالة وجود إطار، لكنه غير مطلق، ومحدود دائمًا بهامش خطأ.

هـ- الحدود والمشكلات

 ثقل الأداة وارتفاع تكلفتها بشكل عام (باستثناء البحوث الميدانية عبر الإنترنت).

 موثوقية الإجابات على الأسئلة التي قد تُعدُّ متطفلة أو حسَّاسة، مثل تلك المتعلقة بالعمل غير القانوني أو الحياة الحميمة أو السلوك المنحرف.

• الهشاشة النسبية للأداة. فلكي تكون موثوقة، يجب استيفاء عدد من الشروط مثل: الدقة في اختيار مجتمع البحث أو العينة، وصياغة الأسئلة صياغة واضحة لا لبس فيها، والتناسب بين العالم المرجعي للأسئلة والعالم المرجعي للمستجوب، وبث الثقة عند إجراء الاستبيان، والأمانة والضمير المهني عند الباحثين الميدانيين. فإذا لم تستوف هذه الشروط على الوجه المطلوب، فإن موثوقية العمل برمته تصير محل شك وريبة. أما من الناحية العملية، فتعود الصعوبات الرئيسة عامة إلى الباحثين الميدانيين، فقد يُوجد من بينهم من لم ينل كفايته من التدريب، أو من ليس لديه ما يكفي من الدوافع للقيام بهذا العمل الشاق والمثبط للهمم في كثير من الأحيان.

و- طرق تكميلية

• التحليل الكيفي للبيانات. قد يبدو من المدهش تقديم التحليل الكيفي للبيانات بوصفه عنصرًا مكملًا للمقاربة بالاستبيان. ومع ذلك، فإن التوحيد الخاص بتقنية الاستبيان يتطلب حدًّا أدنى من المعرفة المسبقة بالظاهرة المدروسة، والتي يخاطر الباحث دونها بإهدار كثير من الموارد والوقت والطاقة عبثًا. ومن أجل فهم أفضل للميدان الذي سيعمل فيه، يُستحسن أن يقوم الباحث قبل الشروع في بحثه الميداني بواسطة الاستبيان، ببحث كيفي متبوع بتحليل ما جمعه من بيانات، حتى يتجنب الخبط في اتخاذ أداة بحثية لن يتمكن من مراجعتها بعد ذلك.

• التحليل الإحصائي للبيانات. إن البيانات التي جُمعت باستبيان، والتي كانت بعض إجاباتها متوقعة ومحددة مسبقًا من قبل الباحث، لا معنى لها في ذاتها. وعليه، فإنه لا يُمكن استخدامها إلا في سياق معالجة كمية تسمح بمقارنة الإجابات الإجمالية لمختلف الفئات الاجتماعية وتحليل العلاقات بين المتغيرات.

• وعلى هذا النحو، يمكن فرز إجابات كل فرد على حدة، لتشكيل مجموعة مختارة من المستجوبين النموذجيين بهدف إجراء المزيد من التحليلات الدقيقة لاحقًا.

ز- المهارة المطلوبة

 تقنيات أخذ العينات.

 تقنيات الكتابة والترميز والعد، بما في ذلك مقاييس المواقف.

 إدارة شبكات الباحثين الميدانيين.

 معرفة أولية ببرامج الحاسوب في إدارة بيانات البحوث الميدانية وتحليلها (SPSS، SPAD، SAS، R، الخ...)([2]).

 الإحصاءات الوصفية والتحليل الإحصائي للبيانات.

• في الحالة الأكثر شيوعًا حيث يُنفذ العمل في فريق وحيث يُستعان بخدمات متخصصة، ليس من الضروري أن يكون جميع الباحثين الميدانيين خبراء في المجالات التقنية المتخصصة.

ح- بعض المراجع الببليوغرافية

Berthier N. (2002), Les techniques denquête. Méthode et exercices corrigés, Paris, Armand Colin.

Ghiglione R.  (1987),  « Questionner » ?,  in  A. Blanchet  et  al.,  Les Techniques d’enquête en sciences sociales, Paris, Dunod, p. 127-182.

Ghiglione R. et Matalon B. (1978), Les Enquêtes sociologiques. Théories et pratique, Paris, Armand Colin.

Javeau Cl. (1992), L’Enquête par questionnaire, Bruxelles, éditions de l’université de Bruxelles, Paris, Les Éditions d’Organisation.

Lebaron F. (2006), L’Enquête quantitative en sciences sociales. Recueil et analyse des données, Paris, Dunod.

Lorenzi-Cioldi F.  (1997),  « Les  questions  ont  les  réponses  qu’elles méritent », in Lorenzi-Cioldi F., Questions de méthodologie en sciences sociales, Lausanne, Delachaux et Niestlé, p. 13-41.

Selz M. et Maillochon F. (2009), « Ce que questionner veut dire », in Le Raisonnement statistique en sociologie, Paris, PUF, p. 179-198.

Singly F. (de) (2005), L’Enquête et ses méthodes : le questionnaire, Paris, Armand Colin, coll. 128.

2- المقابلة

أ- تقديم

تتطلب طرق المقابلة في أشكالها المختلفة، عمليات أساسية للتواصل والتفاعل البشري. وهي تتميز بالاتصال المباشر بين الباحث ومحاوريه وضعف التوجيه من جانبه. ومن شأن هذه العمليات إذا نُفِّذت تنفيذًا صحيحًا، أن تسمح للباحث بأن يستخلص من مقابلاته معلومات وأفكارًا غاية في الثراء والدقة.

وبهذا ينشأ -من حيث المبدأ- تبادل حقيقي يُعبر خلاله المستجوب عن تصوراته لحدث أو موقف، أو يُقدم فيه تفسيراته أو تجاربه، في حين يقوم الباحث بتسهيل ذلك من خلال أسئلته المفتوحة وردود أفعاله، ويمنع الابتعاد عن أهداف البحث، بما يسمح للطرف المقابل ببلوغ أقصى درجات الصدق والعمق.

وإذا كانت المقابلة في المقام الأول طريقة لجمع المعلومات، فإن الروح النقدية للباحث يجب أن تكون دائمًا يقظة حتى يُمكن لتدخلاته أن تُولد عناصر تحليل مخصبة قدر الإمكان.

تنطبق هنا على وجه العموم المبادئ نفسها والتوجيهات الواردة أعلاه بشأن المقابلة الاستكشافية (انظر الخطوة 2: الاستكشاف)، ولا اختلاف مقارنة بالمقابلة الاستكشافية، إلا بتركيز الباحث خلال المقابلة على فرضيات عمله، دون استبعاد إمكان تدقيقها وتصحيحها في أثناء ذلك. ذلك أن طريقة إجراء المقابلات -وإن كانت في مسار استنباطي- لا تكاد تخلو أبدًا من عملية استقراء جزئي. وبالإضافة إلى ذلك -وهذا هو الفارق الأساسي- فإن محتوى المقابلة يخضع لتحليل منهجي يستهدف اختبار الفرضيات ومراجعتها إذا لزم الأمر.

ولا تكون لدى الباحث الميداني أسئلة محددة مسبقًا، كما هو الحال في البحث بالاستبيان، ولكن قائمة بنقاط محددة متعلقة بالموضوع المدروس. ولئن كان يجب على الباحث خلال المقابلة تناول هذه النقاط، إلا أن له مطلق الحرية في اختيار الشكل الملائم وفقًا لمسار المحادثة.

ب- تنويعات

• لا شك أن المقابلات نصف الموجهة هي الأكثر استخدامًا في أبحاث العلوم الاجتماعية. وهي نصف موجهة بمعنى أنها لا تكون مفتوحة بالكامل، ولا موجهة بعدد كبير من الأسئلة المحددة. ويكون لدى الباحث في هذا النمط من المقابلات عامة، سلسلة من الأسئلة التوجيهية المفتوحة نسبيًا والتي يجب أن يتلقى حولها معلومات من الشخص الذي يقابله. ويُمكن للباحث هنا ألا يطرح جميع الأسئلة وفق الترتيب الذي كتبت به وألا يلتزم بالعبارات المكتوبة، إذ إن المهم هو "كسب ثقة" المحاوَر قدر الإمكان حتى يتمكن من التحدث بصراحة والتعبير بما شاء من عبارات وبالترتيب الذي يناسبه. وما على الباحث حينها إلا محاولة إعادة تركيز المقابلة على الأهداف كلما أحس أن المحاور ابتعد عنها، وأن يطرح عليه المسائل التي لم يتطرق إليها من تلقاء نفسه، في أنسب وقت وبطريقة طبيعية قدر الإمكان.

• المقابلة التفهمية، كما أوضح غوفمان (المرجع السابق)، هي شكل من أشكال المقابلة نصف الموجهة التي تنخرط في نهج استقرائي لا تنفصل فيه عملية جمع المعلومات عن عملية التحليل؛ بل تُنجزا معًا في أثناء المقابلات، وفي الوقت نفسه الذي تُصاغ فيه الإشكالية والفرضيات. والهدف هو الوصول إلى تفهم حميم لتفكير الأشخاص وأفعالهم.

• ونجد هذه المقاربة الاستقرائية أيضًا في "النظرية المتجذرة" أو "المنغرسة" (grounded theory)، كما طورها بارني غلاسر (Barney Glaser) وأنسلم ستروس (Anselm Strauss) (انظر المراجع الببليوغرافية أدناه)، حيث تكون النظرية عملية مستمدة من تحليل مقارن للمعلومات المجموعة. وتشمل هذه الطريقة مجمل عملية البحث ولا تقتصر على المقابلة فحسب.

• ويُوجد شكل دقيق من المقابلة، وهو سردية العيش. وتتمثل في إعادة بناء مسار حياة المستجوبين لمعرفة كيف تشكلت طرائق فهمهم لتجاربهم وما طرأ عليها من تحولات طوال حياتهم وما ميزها من أحداث. وفي هذه الحالة، تكون المقابلات أطول وتنقسم إلى عدة جلسات، غير أنها تُجرى عادة مع عدد أقل من الأشخاص. وهذه الطريقة معروضة في كثير من الأعمال المدرجة في المراجع الببليوغرافية.

• المقابلة المركزة، والمعروفة على نحو أفضل بتسميتها الإنكليزية (focused    interview)، وهي تهدف إلى تحليل تأثير حدث أو تجربة محددة على من حضرها أو شارك فيها، ومن هنا جاء اسمها. ذلك أن ردود الفعل على هذا الحدث أو التجربة يمكن أن تكشف أيضًا عن آراء، وعن تمثلات للعالم أو لأنظمة القيم التي يهدف الباحث إلى الإحاطة بها من خلال ردود الفعل تلك. ويمكن أن يكون هذا الحدث أو هذه التجربة من طبيعة متنوعة ولها دعائم مختلفة: فيلم أو مقتطف من فيلم، خطاب سياسي، شهادة، تقرير، إعلان... ولا تكون لدى الباحث الميداني أسئلة محددة مسبقًا، كما هو الحال في البحث بالاستبيان، ولكن قائمة بنقاط محددة متعلقة بالموضوع المدروس. ولئن كان يجب على الباحث خلال المقابلة تناول هذه النقاط، إلا أن له مطلق الحرية في اختيار الشكل الملائم وفقًا لمسار المحادثة. وفي هذا الإطار المرن نسبيا، يمكنه طرح كثير من الأسئلة على محاوره.

ج- الأهداف التي تُناسبها هذه الطريقة بشكل خاص

 تحليل المعنى الذي يُعطيه الفاعلون لممارساتهم وللأحداث التي يواجهونها: تمثلاتهم الاجتماعية، وأنظمة قيمهم، ومرجعياتهم المعيارية، وتفسيراتهم للحالات المتضاربة أو الملائمة، وقراءاتهم لتجاربهم الخاصة، إلخ...

 تحليل مشكلة محددة: بياناتها، وجهات النظر القائمة، رهاناتها، أنظمة العلاقات، اشتغال أحد التنظيمات، إلخ...

 إعادة بناء مسارات الفعل والخبرات والأحداث السابقة.

• مسارات الحياة في أبعادها الاجتماعية والفردية.

د- المزايا الرئيسة

 تميز عناصر التحليل المجموعة بدرجة من العمق والدقة.

• مرونة العدة المنهجية وضعف التوجيه فيها، مما يسمح بجمع شهادات المحاورين وتفسيراتهم مع احترام أطر مرجعيتهم ولغتهم ومقولاتهم الذهنية.

هـ. الحدود والمشكلات

• كما هو الحال مع جميع الطرائق الكيفية، فإن الاستخدام الصحيح والمثمر للمقابلة يتطلب احترام مجموعة من المبادئ والقواعد (مثل تلك المنصوص عليها في المرحلة الاستكشافية) التي ليست سهلة التنفيذ كما تبدو في الظاهر. وفي هذا الإطار، فإن الخبرة، التي تُقيَّم تقييمًا منهجيًّا، هي وحدها التي تسمح مع مرور الوقت، باكتساب ما يُسمى "الصنعة". وبالإضافة إلى المبادئ والقواعد العامة، فإن لبعض الطرائق الكيفية إجراءات خاصة بها، وتفترض الامتثال لتوصيات تقنية محددة.

وتوجد مشكلة في بعض الطرائق الكيفية التي تفتقر نسبيا إلى التقعيد والتوحد الشكلي، على الأقل ظاهريا، والتي قد لا يُدرك الباحث المبتدئ الذي يستخدمها مدى صعوبتها ومن ثم يستسهلها. وفي هذه الحالة، فإن الاطلاع على أعمال مرجعية جيدة قد يُساعده على إدراك مشقة السبيل التي يسلكها، وإمكان تجاوزها إذا ما وفر ما يلزم من وسائل، وبخاصة الالتزام بقدرٍ من الانضباط.

 وعلى العكس من ذلك، فإن مرونة أساليب المقابلة ذاتها يُمكن أن تُشوش على من لا يستطيع العمل بجدية دون توجيهات تقنية دقيقة، ويُفضل أن تكون كمية.

• ويظل إتقان الجوانب التقنية للطريقة المعتمدة بلا طائل إذا لم يكن الباحث حاصلًا على تكوين عام جيد (ثقافي، وتاريخي، وسياسي، واجتماعي...) يمكِّنه من موارد فكرية تُتيح له إدراك حيثيات بعض العبارات، ووضعها في سياقاتها، ومن ثم الدفع بالمقابلة شيئًا فشيئًا نحو آفاق أرحب.

• وإذا كانت الصفات الفكرية مهمة، فإن للصفات الإنسانية الأهمية نفسها تقريبًا، ومن ذلك بصفة خاصة القدرة على الاستماع إلى محاورك ووضع نفسك مكانه، دون أن تكون ملزمًا بالموافقة على ممارساته وعباراته. بيد أن معرفة كيفية تبني موقف حياد إيجابي بشكل طبيعي، واكتساب ثقة المحاور ورهافة الحس دون انسياق عاطفي... ليست أمورًا متاحة للجميع. وعلى هذا المستوى مرة أخرى، يجب أن يكون الباحث صادقًا مع نفسه وقادرًا على تقييم أدائه.

• وعلى عكس البحث بالاستبيان، فإن عناصر المعلومات والتفكير التي جُمعت بطريقة المقابلة مثلاً، لا تظهر على الفور في شكل يتطلب طريقة تحليل محددة. لذلك ينبغي هنا أن تُختار طرائق جمع المعلومات وتُحلل على نحو متزامن.

و- طرق تكميلية

• في أبحاث العلوم الاجتماعية، يُجمع دائمًا بين طريقة المقابلة وطريقة تحليل المضمون. ذلك أن المطلوب منك في أثناء المقابلات، استقاء أكبر قدر من المعلومات والأفكار التي ستكون مادة لتحليل محتوى منهجي يلبي ما تقتضيه الإجراءات من وضوح وثبات وتساوق. وسنعود إلى هذا الأمر في الخطوة التالية.

• أخيرًا، تُشكل المقابلات -في معظم الحالات- جزءًا من عدة منهجية شاملة تتضمن على وجه الخصوص ملاحظات مباشرة وجمع وثائق متعلقة بالظاهرة محل الدرس. وعلى سبيل المثال، سيقوم الباحث الذي يرغب في تحليل أحد جوانب عمل بعض المنظمات بإجراء مقابلات، والقيام بملاحظات على عين المكان وجمع بعض الوثائق عن هذه المنظمة (مثل محاضر الاجتماعات أو تقارير النشاط). لهذا، فلا مندوحة من أن تكون المقابلة في إطار تكاملي مع هذه الطرائق.

ز- المهارة المطلوبة

 ترتبط القدرة على استخلاص أكبر قدر ممكن من العناصر المهمة في المقابلة عامة بمدى ثقافة الباحث العامة وتكوينه النظري، وبمدى وعيه المعرفي وخبرته.

 وعلى وجه التحديد:

- المعرفة النظرية والعملية الأساسية لعمليات الاتصال والتفاعل بين الأفراد (علم النفس الاجتماعي).

- التكوين النظري والعملي على تقنيات إجراء المقابلات (انظر ما هو مكتوب في الخطوة 2 حول المقابلات الاستكشافية).

ح- بعض المراجع الببليوغرافية

Becker H.S. (2002), Les Ficelles du métier : comment conduire sa recherche en sciences sociales, Paris, La Découverte.

Bertaux D. (2010), Le Récit de vie, Paris, Armand Colin.

Blanchet A. et Gotman A. (1992), L’Enquête et ses méthodes : l’entretien, Paris, Nathan.

Bourdieu P. (1993), « Comprendre », in P. Bourdieu (dir.), La Misère du monde, Paris, Le Seuil, p. 903-939.

Ferrarotti F. (1983), Histoire et histoires de vie. La méthode biographique dans les sciences sociales, Paris, Méridiens Klincksieck.

Glazer B.G. et Strauss A.L. (2010), La Découverte de la théorie ancrée : stratégies pour la recherche qualitative, Paris, Armand Colin.

Kaufmann J.C. (1996), L’Entretien compréhensif, Paris, Armand Colin.

Merton R.K., Fiske M. et Kendall P.L. (1956), The Focused Interview, Illinois, The Free Press of Glencoe.

Pagès M. (1970), L’Orientation non directive en psychothérapie et en psychologie sociale, Paris, Dunod.

Peneff J. (1990), La Méthode biographique. De l’école de Chicago à l’histoire orale, Paris, Armand Colin.

Ramos E. (2015), L’Entretien compréhensif en sociologie, Paris, Armand Colin.

Rogers C. (1980), La Relation d’aide et la psychothérapie, Paris, ESF (1942).

Sauvayre R. (2013), Les Méthodes de l’entretien en sciences sociales, Paris, Dunod.

3- الملاحظة المباشرة                                                                 

أ- تقديم

إن المقصود الدقيق للكلمة، طريقة تقوم على الملاحظة البصرية، وليس "الملاحظة" بوصفها خطوة خامسة من المسار في هذا الكتاب.

وكما ذكرنا، تُعد طرق الملاحظة المباشرة طرق البحث الوحيدة في العلوم الاجتماعية التي ترصد السلوك لحظة حدوثه بلا مستند أو شهادة. أما في الطرق الأخرى، فيُعاد بناء الأحداث أو المواقف أو الظواهر المدروسة انطلاقًا من أقوال الفاعلين (في البحث بالاستبيان والمقابلة) أو من الآثار التي خلفها الشهود المباشرون أو غير المباشرين (تحليل الوثائق).

وفي العلوم الاجتماعية، يُمكن أن تتعلق الملاحظات بمجموعة واسعة من الظواهر، مثل الممارسات الجماعية، وسلوك الفاعلين، وعمل التنظيمات أو تصرف المستخدمين في أي فضاء. فمجال ملاحظة الباحث غير محدود    مسبقًا ولا تحده سوى أهداف عمله وفرضياته. ذلك أن بناء عملية الملاحظة إنما تتم في معظم الحالات من خلال الفرضيات التي يضعها الباحث معتمدًا شبكة ملاحظة مبنية مسبقًا. ومن مزايا هذه الطريقة أنها تُمكن من ملاحظة الممارسات والسلوكيات غير متوقعة، بل مفاجئة، قياسًا بما كانت تتوقعه فرضيات الباحث أو أفكاره المسبقة، مما يجبره على مراجعتها، وصولًا، إذا لزم الأمر إلى إعادة صياغة فرضياته، وأحيانًا حتى سؤاله البحثي.

وتختلف صيغ الملاحظة العينية اختلافًا كبيرًا بحسب ما يتبناه الباحث، كأن يتبنى مثلاً طريقة الملاحظة بالمشاركة ذات المنحى الإناسي (الأنثروبولوجي) أو طريقة الملاحظة دون مشاركة والتي تتميز بإجراءات تقنية أكثر توحدًا في الشكل. وبين هذين القطبين، اللذين سيعرضان باختصار في النقطة التالية، تُوجد أدوات وسيطة.

ب- تنويعات

• تُعدُّ الملاحظة بالمشاركة من الوجهة المنطقية أفضل الطرق استجابة للشواغل المعتادة للباحثين في العلوم الاجتماعية. وقد تشكلت مبادئها في مجال البحث النياسي (الإثنولوجي) والإناسي (الأنثروبولوجي)، وفي سياقات ثقافية غير أوروبية ارتبطت في الغالب بالاستعمار. أما اليوم، فهي تُمارس على نطاق واسع في جميع المجتمعات، وبخاصة الأوروبية. وهي تتمثل في دراسة جماعة أو مجتمع على امتداد فترة طويلة نسبيًا، من خلال المشاركة في الحياة الجماعية، وهو ما يُمكن الباحث من استيعاب أنماط العيش من الداخل بجميع تفصيلاتها، متجنبًا ما أمكن عدم التدخل فيها. وعليه أن يتبنى الفكرة التي برع في عرضها إيرفينغ غوفمان في كتابه الملاجئ: دراسات في الحالة الاجتماعية للمرضى العقليين (مذكور سابقًا)، والتي تُؤكد أنه ما من طريقة عيش إلا تبدو طبيعية ومعقولة عند وضعها في سياقها. ومن هنا كانت أهمية أن ينغمس الباحث في السياق الذي يدرسه بمخالطته لأطول مدة ممكنة.

الملاجئ: دراسات في الحالة الاجتماعية للمرضى العقليين
الملاجئ: دراسات في الحالة الاجتماعية للمرضى العقليين

وتعتمد وجاهة عمله بشكل خاص على دقة الملاحظات وصرامتها، وكذلك على المواجهة المستمرة بين الملاحظات والفرضيات التفسيرية، في حركة تكرارية، أي المراوحة جيئة وذهابًا بين العمل الميداني وتفكير الباحث، أو إن شئنا بين ملاحظاته وفرضياته([3]).

وسيكون على الباحث أن يهتم بشكل خاص بتكرار الظواهر التي لوحظت من عدمه، وكذلك التقارب بين مختلف المعلومات التي حُصِل عليها والتي ينبغي المقارنة بينها بانتظام، وخاصة عن طريق تعديد المصادر، وهو ما يُسمى مبدأ التثليث (المرجع السابق نفسه، ص79-80)([4]).

وانطلاقًا من هذه الإجراءات، يمكن للمنطق الاجتماعي والثقافي للمجموعات المدروسة أن يظهر بشكل أكثر وضوحًا، كما يُمكن للفرضيات أن تُختبر وأن تُصقل (انظر البحث الميداني أدناه).

إن المشاركة الحميمة في حياة جماعة أو مجتمع يُمكن أن تُؤثر بعمق على الباحث في رؤيته الخاصة للوجود وللعالم، كما في علاقته بالآخرين. ولا شك في أن تسليط الضوء على هذه التجربة الفارقة أمر أساسي ويمكن أن يكون مصدر دروس قيمة في حد ذاته.

• أما طرق الملاحظة غير المشاركة من جهتها، فلها ملامح مختلفة للغاية، والنقطة المشتركة الوحيدة بينها هي عدم مشاركة الباحث حياة الجماعة، فهو يُلاحظ "من الخارج". ويمكن للملاحظة أن تكون طويلة أو قصيرة، وأن تتم دون علم الأشخاص المعنيين أو بموافقتهم، كما يُمكن إجراؤها بمساعدة شبكات ملاحظة مفصلة أو من دونها. وعلى سبيل المثال، يمكن للباحث أن يطلب رسميًّا حضور سلسلة من الدروس في فصل دراسي ثانوي بهدف تحليل سلوك الطلاب (أو المدرسين) في أثناء التفاعل، أو حضور اجتماعات إحدى الجمعيات التي يرغب في دراسة اشتغالها الداخلي.

وتُظهر شبكات الملاحظة انتقائيًّا مختلف فئات الظواهر أو الممارسات التي يجب ملاحظتها. ويمكن لهذه الشبكات أن تكون موحدة الشكل بدرجات متفاوتة وأن تسمح ببعض طرق القياس الكمي، مثل حساب التكرارات وتوزيع مختلف مراتب السلوك بهدف دراسة الارتباط بين هذه السلوكيات وبقية المتغيرات التي تطرحها الفرضيات. والحق أن هذا الإجراء مستوحى مما ساد منذ سنوات عديدة في علمي النفس والتربية، وقبل ذلك في علم طبائع الحيوان. ولكن، خلافًا لما يحدث غالبًا في هذه الفروع المعرفية، فإن علماء الاجتماع لا يستخدمون مطلقًا طرق الملاحظة التجريبية، اللهم إلا في التخصصات المجاورة مثل علم النفس الاجتماعي.

• تعدل الموارد التكنولوجية شروط إدراك الممارسات والوضعيات الاجتماعية. ويسمح تصوير تلك الممارسات للباحث بمرور الوقت، وكذلك لزملائه، بالانتباه لبعض التفصيلات أو السلوكيات التي قد تكون فاتته حال حدوثها. كما تُتيح هذه الموارد من جهة أخرى، استخدام أدوات أكثر تعقيدًا لتحليل المعلومات المسجلة. فالتسجيل يعمل على تعديل شروط الملاحظة (التي يُمكن إجراؤها في الحد الأقصى دون حضور الباحث). كما أنه يُغير أيضًا طبيعة الأشياء الملاحظة ومداها ويُوسع إمكانات التحليل الذي يغدو من الممكن إجراؤه من منظور أوسع، وبشكل جماعي. وهذا هو السبب في أننا يُمكن أن نعتبر -من وجهة نظر معينة- أن الملاحظة التي تتم باستخدام هذه الأدوات تُمثل، في ذاتها، متغيرًا في طريقة الملاحظة.

ج- الأهداف التي تُناسبها هذه الطريقة بشكل خاص

• تختلف هذه الأهداف جزئيًّا باختلاف الأشكال التي يمكن أن تتخذها الملاحظة. ومع ذلك، يُمكن القول من جهة التعريف بوجه عام: إن الطريقة أنسب شيء لتحليل ما هو غير لفظي وما يُحيل إليه: التصرفات الراسخة وقواعد السلوك، والعلاقة بالجسد، وأنماط العيش والسمات الثقافية، والتنظيم المجالي للجماعات وللمجتمع، إلخ...

• إن طرق الملاحظة المجردة من كل طابع تجريبي، أنسب لدراسة الأحداث كما تحدث وفي لحظة حدوثها.

د- المزايا الرئيسة

 إدراك السلوك والأحداث على الفور.

 جمع مادة تحليلية لم يُثِرْها الباحث وتكون عفوية نسبيا.

 القدرة على تسجيل الملاحظات، ومن ثم تحليلها تحليلاً وافيًا من منظور جماعي أوسع.

• الصدق النسبي للسلوك قياسًا على الأقوال والكتابات. فالشخص العادي بشكل عام يُمكنه التحكم في تعبيره اللفظي، لكن لا يُحسن التحكم في لغة الجسد سوى قلة قليلة من الناس. ولذلك ترى حركات أجسادنا تكشف سرائرنا في عفوية.

هـ- الحدود والمشكلات

 الصعوبات المعتادة في الحصول على القبول بصفتك ملاحظًا من قبل الجماعات المعنية.

• يمكن أن يُؤثر وجود الملاحظ في الحالة المرصودة أو في التشويش عليها.

• مشكلة التدوين. لا يمكن للباحث الاعتماد على ذاكرته لاسترجاع ما عاينه من أحداث حية، إذ إن الذاكرة انتقائية وتستبعد بعض السلوك الذي لا تظهر أهميته لحظة حدوثه. ولأن تدوين الملاحظات فورًا غير ممكن أو غير مستحسن دائمًا، فإن الحل الوحيد هو تدوين السلوك المرصود فور الانتهاء من عملية الملاحظة. ومن الناحية العملية، فإن هذا العمل غالبًا ما يكون عملًا شاقًّا بحق بسبب التعب وظروف العمل المرهقة أحيانًا. ويجب أن يتضمن "سجل" الباحث تقريرًا حول الصعوبات التي واجهها، وردود فعل الأشخاص الذين التقى بهم تجاهه، وتساؤلاته بوصفه باحثًا. ومن خلال إعادة قراءة ما دونه في سجله بمرور الوقت، ومن خلال إشراك زملاء موثوق بهم في ذلك، سيُدرك الباحث إدراكًا أفضل نطاق عمله وحدوده، وسيكتشف بعض الثغرات التي يُمكنه سدَّها، وسيكون قادرًا على تصحيح بعض تصرفاته الإشكالية واكتساب المزيد من الخبرة؛ بل إنه سيتمكن -بما دوَّنه- من إنجاز ما يُسمى أحيانًا "بحثًا حول البحث"، وهو ما سيمكنه من تعميق رؤيته لموضوع بحثه على نحو غير مباشر.

• مشكلة تفسير الملاحظات. لئن كان استخدام شبكات الملاحظة المفرطة في توحد الشكل يُسهل عملية التفسير، فإنه لا يخلو من ناحية أخرى، من أن يكون سطحيًا وميكانيكيًا مقارنة بما تتصف به العمليات التي دُرست من ثراء وتعقيد. وفي ما يخص الملاحظة ذات المنحى الإناسي (الأنثروبولوجي)، فإن الغالب أن يُفسر فورًا وفي إطار نهج استقرائي أساسًا. وتتمثل الصعوبة التي تعترض الباحثين المبتدئين في مباشرة العمل بمنهجية ودقة، في حين يتصف المسار بأنه غير موحد الشكل نسبيًّا. ومن هنا، فإن الالتزام ببعض المبادئ الأساسية يغدو ضروريًا وسيساعدهم كثيرًا، لاسيما مبدأ التثليث الذي ذكرناه. هذا إضافة إلى مبدأ آخر هو مبدأ التشبع الذي نوقش من قبل في هذا الفصل عند الحديث عن العينة. وتقدم بعض الكتب (كما هو موضح أدناه) نصائح قيمة في هذا الصدد من خلال عرضها أدوات منهجية دقيقة نسبيًا.

فالمواجهة الطويلة والمنهجية بين التفكير النظري، المستوحى من قراءات جيدة، وبين السلوك المعاين في الحياة الجماعية التي أنتجت أهم الملاحظين: أولئك الذين تذكرهم العلوم الاجتماعية والذين نتخذهم اليوم مثالًا.

و- طرق تكميلية

• طريقة المقابلة، التي يتبعها عادة تحليل المضمون، وهي أكثر الطرق استخدامًا بالتوازي مع طرق الملاحظة. ذلك أن تكاملها يجعل من الممكن القيام بعمل استقصائي دقيق ومرضٍ، إذا ما أُجري بما يلزم من وضوح واحتياط.

• ومن بين أشد الطرق تنوعًا، يستخدم الباحثون عامة الملاحظات ذات المنحى الإناسي (الأنثروبولوجي)، ولكن لمدة محدودة، لتعويض أوجه القصور في طرق البحث المفرطة الشكلانية والتي تُؤدي صرامتها التقنية في الغالب إلى ضعف الخيال والحساسية على مستوى التفسيرات.

ز- المهارة المطلوبة

يبدو أن أفضل تدريب على الملاحظة عمليًّا -إن لم نقل الأوحد- هو الممارسة. ولا يُمكن لعين الخبير أن تغدو بصيرة في غضون أسابيع قليلة من العمل. فالمواجهة الطويلة والمنهجية بين التفكير النظري، المستوحى من قراءات جيدة، وبين السلوك المعاين في الحياة الجماعية التي أنتجت أهم الملاحظين: أولئك الذين تذكرهم العلوم الاجتماعية والذين نتخذهم اليوم مثالًا. لذا عليك أن تتعلم كيفية الملاحظة... بأن تُلاحظ، وأن تقارن -إذا سنحت الفرصة- ملاحظاتك وتفسيراتك بملاحظات زملائك الذين تعمل معهم وبتفسيراتهم.

ح- بعض المراجع الببليوغرافية

Arborio A.-M. et Fournier P. (2005), L’Enquête et ses méthodes : l’observation directe, Paris, Armand Colin.

Becker H. (2002), Les Ficelles du métier. Comment conduire sa recherche en sciences sociales, Paris, La Découverte.

Copans J. (1998), L’Enquête ethnologique de terrain, Paris, Nathan.

Glaser B. et Strauss A. (2010), La Découverte de la théorie ancrée. Stratégies pour la recherche qualitative, Paris, Armand Colin.

Jaccoud M. et Mayer R. (1997), « L’observation en situation et la recherche qualitative », in J. Poupart et al., La Recherche qualitative : enjeux épistémologiques et méthodologiques, Montréal, Gaétan Morin Éditeur, p. 212-249.

Ketele (de) J.-M. (1983), Méthodologie de l’observation, Louvain-la-Neuve, Laboratoire de pédagogie expérimentale, UCL.

Massonat J. (1987), « Observer », dans A. Blanchet et al., Les Techniques d’enquête en sciences sociales, Paris, Dunod.

Olivier de Sardan J.-P. (2008), La Rigueur du qualitatif. Les contraintes empiriques de l’interprétation socio-anthropologique, Louvain-la-Neuve, Academia Bruylant.

Strauss A. et Corbin J. (2004), Les Fondements de la recherche quantitative. Techniques et procédures de développement de la théorie enracinée, Academic Press Fribourg.

4- جمع البيانات الموجودة: البيانات الثانوية والبيانات الوثائقية

أ- تقديم

يتمثل التحليل الثانوي في استخدام مواد جمعها آخرون لغرض آخر غير غرضك. وأنواع الوثائق والمصادر التي يمكن استغلالها بهذه الطريقة كثيرة ومتنوعة مثل: إحصاءات من معاهد الإحصاء الوطنية أو المنظمات الدولية، ومحفوظات وقواعد بيانات عمومية أو خاصة، ونتائج بحوث ميدانية سابقة، إلخ... ويمكن أن تكون هذه الموارد مفيدة جدًا للباحث، وبخاصة إذا تعلق الأمر ببيانات لا يُمكن تجميعها إلا من قبل منظمات ذات إمكانات كبيرة. ولكن الفكرة الأساسية في جميع الحالات هي الانتباه إلى أنه من غير المجدي إضاعة الوقت والجهد في جمع ما هو موجود في مكان آخر، حتى وإن كان عرض البيانات غير مناسب بشكل مباشر لبحثنا ويجب إخضاعه لبعض التعديلات. فبما أن خاصية البيانات الثانوية والوثائقية لم ينتجها الباحث نفسه، فإنها لا تظهر بالضرورة في شكل يتوافق مع احتياجاته البحثية. لكن رغم مزاياها العديدة، فإن جمع البيانات الموجودة يمكن أن يطرح كثيرًا من المشكلات التي يجب حلها حلاًّ صحيحًا. ولهذا السبب، يمكن اعتباره طريقة بحث حقيقية.

ب- تنويعات

إنها كثيرة تعتمد على طبيعة المصادر والمعلومات التي يُنظر فيها. أمَّا المصادر، فيمكنها أن تكون وثائق مخطوطة أو مطبوعة أو سمعية بصرية أو إلكترونية، رسمية أو خاصة، شخصية أو صادرة عن منظمة، وتحتوي على أرقام أو نصوص. وإذا استبعدنا مؤقتًا مشكلة تحليل البيانات المتحصل عليها لاختبار الفرضيات وحصرنا اهتمامنا بمسألة تجميعها بالفعل، فيمكننا القول إن المتغيرات الثلاثة الأكثر شيوعًا في البحث الاجتماعي هي: جمع البيانات الإحصائية، وجمع الوثائق المكتوبة الصادرة عن مؤسسات ومنظمات عمومية وخاصة (القوانين والأنظمة واللوائح، والمحاضر، والمنشورات...) أو عن أفراد (السرديات والمذكرات والمراسلات...)، وأخيرًا، وهو أمر بصدد الشيوع اليوم، جمع وثائق سمعية بصرية مثل التقارير والحوارات التي تُجريها القنوات التلفزيونية وتحتفظ بها سواء في أرشيفاتها، أو في دور المحفوظات العمومية أو على الإنترنت.

وتتطلب هذه التنويعات إجراءات مختلفة للتحقق من صحة البيانات، ولكن المنطق هو نفسه في الأساس: التحقق من موثوقية المستندات وما تتضمنه من معلومات، فضلًا عن ملاءمتها لأهداف العمل البحثي ومتطلباته.

• وفيما يتعلق بالبيانات الإحصائية، فإن الاهتمام سينصب أساسًا على الموثوقية الإجمالية للجهة المصدرة لها، وتعريف المفاهيم وطرق الحساب (فإن تعريف نسبة البطالة وحسابها مثلاً لا يتمان بطريقة واحدة في كل دول الاتحاد الأوروبي) وتلاؤمها مع فرضيات البحث، وتوافق البيانات المتعلقة بفترات مختلفة أو مجمعة من قبل هيئات مختلفة، وأخيرًا، تطابق الحقل الذي تُغطيه البيانات المتاحة مع حقل تحليل البحث.

• وفيما يتعلق بالوثائق المكتوبة، ينصبّ الاهتمام على أصالة الوثائق المذكورة، ودقة المعلومات التي تحتويها، وكذلك تطابق الحقل الذي تُغطيه الوثائق المتاحة مع حقل تحليل البحث.

• وفي ما يتعلق بالوثائق السمعية البصرية، فإن مسألة موثوقية المعلومات تفرض نفسها بقوة، وبخاصة في ظل تكاثر المعلومات المنشورة على الإنترنت، وفيها الغث والسمين، بما في ذلك الوثائق التي تستهدف عمدًا خداع الجمهور.

ولن نتناول هنا البحث التاريخي بوصفه فرعًا معرفيًّا مستقلا بذاته ويتطلب تكوينًا جامعيًا متخصصًا. لكن دعونا ببساطة نُؤكد لمن ينجذبون إلى التاريخ وإلى علوم المجتمع الأخرى، مثل علم الاجتماع والإناسة والعلوم السياسية، أن كثيرًا من الأعمال الرئيسة تقع على تخوم هذه التخصصات، لاسيما في استخدامها المنهج التاريخي في مقاربة إشكاليات تهتم بها العلوم الاجتماعية والسياسية، مثل تشكل الدولة والتنشئة الاجتماعية في المجتمعات الحديثة (على سبيل المثال أعمال نوربرت إلياس Norbert Elias)، وتطور الحركات الاجتماعية وتشكل الطبقات الاجتماعية (مثل أعمال إدغار بالمر  طومسون Edgar Palmer Thompson) أو اندلاع الثورات (مثل أعمال تشارلز تيلي Charles Tilly).

ج- الأهداف التي تُناسبها هذه الطريقة بشكل خاص

• تحليل الظواهر التي تقع في صميم السياسات العامة والتي تُغذي الإحصاءات العمومية والإدارية، الإقليمية منها والوطنية أو فوق الوطنية. وبصفة خاصة تحليل الظواهر الاجتماعية والسكانية والاجتماعية والاقتصادية مثل البطالة والتهرم السكاني وتطور الأسر المعيشية.

• دراسة الموضوعات التي تهم علماء الاجتماع وتكون موضوع برامج بحوث ميدانية اجتماعية دولية مثل مسح القيم العالمية (World Values Survey) أو برنامج المسح الاجتماعي الدولي (International Social Survey Program). وتتناول هذه البحوث الميدانية موضوعات مختلفة مثل: الأسرة، وأدوار الجنسين، والعمل، والدين، والسياسة، والمواطنة، والهجرة... وتجرى في كثير من البلدان، كما أنها تتمتع بمزية كبيرة تتمثل في تكرارها دوريًّا، وهو ما يسمح بإجراء مقارنات في الزمان والمكان...حتى وإن كان علينا ألا نُقلل من صعوبتين: الأولى في معادلة ترجمات نص الاستبيان ذاته، والثانية في مراعاة خصوصية كل سياق يجري فيه المسح عند قراءة النتائج. وعلى المستوى الدولي، تُوجد ثلاث منظمات لها دور مركزي في حفظ قواعد البيانات وتوحيدها ونشرها، وهي: مجلس أرشيف بيانات العلوم الاجتماعية الأوروبية (Council of European Social Science Data Archives)، والاتحاد الدولي للبحوث السياسية والاجتماعية (International Consortium for Political and Social Research) والاتحاد الدولي لتنظيم البيانات (International Federation for Data Organization).

• دراسة الأيديولوجيات وأنظمة القيم والثقافة بأوسع معانيها.

• تحليل التغيرات الاجتماعية والتطور التاريخي للظواهر الاجتماعية التي لا يمكن جمع شهادات مباشرة بشأنها أو التي لا يتوافر بشأنها ما يكفي من شهادات مباشرة.

• تحليل التغير في التنظيمات.

د- المزايا الرئيسة

• توفير الوقت والمال مما يسمح للباحث بتخصيص معظم جهده للتحليل.

• في كثير من الحالات، تُمكن هذه الطريقة من تجنب الاستخدام المفرط لاستطلاعات الرأي والاستبيانات التي تتزايد وترهق الناس على نحو متكرر. (إنصافًا للباحثين المحترفين، يجب القول إنهم غير مسؤولين إلا عن جزء ضئيل من استطلاعات الرأي والاستبيانات).

• تشمل بعض قواعد البيانات الآلاف بل عشرات أو مئات الآلاف من الأفراد. وهذا ما يسمح بالقيام بتحليلات شديدة التنوع لاختبار نماذج معقدة لا تسمح بها مجرد عينة شكلها باحث وحيد.

• تطوير مادة وثائقية مهمة وثمينة تُثرى باستمرار بفعل التطور السريع لتقنيات جمع البيانات وتنظيمها ونقلها، وبخاصة عبر الإنترنت.

هـ- الحدود والمشكلات

• الوصول إلى الوثائق غير ممكن دائمًا. وفي حالات أخرى، يمكن للباحث الوصول إلى الوثائق لكن لا يُمكنه ذكرها لسبب أو آخر  بسبب (السرية، أو احترام رغبات المحاور، إلخ...).

• تعدد المشكلات المتعلقة بموثوقية البيانات وملاءمتها لمتطلبات البحث، وهو ما يُجبر الباحث في بعض الأحيان على التخلي عن هذه الطريقة في أثناء إنجاز البجث. لذلك لا ينبغي اعتماد هذه الطريقة إلا بعد إجراء بحث ميداني مصغر للتأكد من مدى واقعيتها.

• بما أن الباحث لا يجمع البيانات بنفسه وفق أفضل ما يُناسبه من معايير، فإنه يجب عليه عادةً أن يُعالجها ويُظهرها في شكل يُعين على التحقق من الفرضيات. وتتصف مثل هذه المعالجة دائمًا بالرهافة؛ لأنها قد تمس موثوقية البيانات، والحال أن موثوقيتها هي ما يُبرر استخدامها دون غيرها.

• لا تشير بعض قواعد البيانات التي يمكن الوصول إليها إلى المنهجية المستخدمة في إنتاجها. فغياب التحديد الدقيق لمجتمع الدراسة، وللفترة الزمنية التي عُقدت فيها الدراسة، وللمفاهيم والمؤشرات، يزيد كثيرًا من احتمال التفسير الخاطئ للنتائج.

و- طرق تكميلية

• تخضع البيانات الإحصائية التي جُمعت في العادة لتحليل إحصائي.

• تُستخدم البيانات التي جُمعت من الوثائق المكتوبة في أنواع مختلفة من التحليل، وخاصة في التحليل التاريخي وتحليل المضمون. بالإضافة إلى ذلك، من الشائع أن تترافق طرق المقابلة والملاحظة بالاطلاع على وثائق متعلقة بالجماعات أو الظواهر المدروسة.

• وبشكل عام، تُستخدم طرق جمع البيانات الموجودة، في المرحلة الاستكشافية لمعظم أبحاث العلوم الاجتماعية.

ذلك أنه لا ينبغي للمرء أن ينخدع بالبيانات الرقمية التي لا تُمثل -كأي بيانات أخرى- حقائق واقعية؛ بل "حقائق مبنية"، أي تجريدات يُفترض أنها تُمثل حقائق واقعية.

ز- المهارة المطلوبة

• إذا كنت تبحث عن بيانات في إحدى المكتبات أو على الإنترنت، فإن اكتساب هذه المهارة لن يكون بلا فائدة. وقد سبق أن تناولنا البحث الببليوغرافي في الخطوة 2 (الاستكشاف). ولئن كانت الإنترنت تعج بأدوات عديدة تزعم أنها تُوجه الباحث في بحثه، إلا أن القارئ اليقظ سيلاحظ أن أغلبها لا تعتد بسوى محرك بحث وحيد فقط (على سبيل المثال، غوغل Google). غير أنه تُوجد أيضًا أعمال متخصصة في هذا المجال([5]) تُمكن من التمييز بين مختلف أدوات الشبكة العنكبوتية (محركات البحث ووظائفها، وخصائص محركات البحث الوصفية méta-moteurs) وتقديم كثير من النصائح للبحث الفعال (صيغ الكلمات الرئيسة، والأسئلة، والأمثلة...).

• لجمع البيانات الإحصائية: لا بد من مهارة في الإحصاء الوصفي، وفي فلسفة المعرفة إن أمكن. ذلك أنه لا ينبغي للمرء أن ينخدع بالبيانات الرقمية التي لا تُمثل -كأي بيانات أخرى- حقائق واقعية؛ بل "حقائق مبنية"، أي تجريدات يُفترض أنها تُمثل حقائق واقعية. فإذا كانت هذه البيانات تُمكِّن من الحصول على صورة صحيحة إلى حد ما للواقع، فإنها من ناحية أخرى لا تكتسب قيمة ومعنى إلا إذا عرفنا كيف بُنيت ولماذا.

• لجمع الوثائق المكتوبة والسمعية البصرية: لا بد من مهارة في البحث عن المصادر الوثائقية ونقدها (وهذا نادرًا ما يُدرس في الجامعات والمدارس العليا).

ح- بعض المراجع الببليوغرافية

Chenu A. et Lesnard L. (2011), La France dans les comparaisons internationales. Guide d’accès aux grandes enquêtes statistiques en sciences sociales, Paris, Presses de Sciences Po.

Dargentas M., Brugidou M., Le Roux D. et Salomon A.-C. (2006), « Compte rendu des journées internationales de l’analyse secondaire en recherche qualitative : Utopie ou perspectives nouvelles ? », Bulletin de méthodologie sociologique / Bulletin of Sociological Methodology, p. 43-45.

Dargentas M., Brugidou M., Le Roux D. et Salomon A.-C. (2011), L’Analyse secondaire : une nouvelle pratique de recherche qualitative en SHS. Paris, Lavoisier, R&D-EDF.

Dargentas M., Le Roux D., Salomon A.-C. et Brugidou M. (2007), « Sur les prospectives de la recherche qualitative en France : capitalisation et réutilisation d’entretiens de recherche », Recherches qualitatives, Hors Série, 3, 156-173.

Foenix-Riou B. et Cacaly S. (2005), Guide de recherche sur Internet. Outils et méthodes, Paris, Armand Colin.

Lévy M.-L., Ewenczyk S. et Jammes R. (1981), Comprendre linformation économique et sociale : guide méthodologique, Paris, Hatier.

Salmon P. (1987), Histoire et critique, Bruxelles, éditions de l’université de Bruxelles.

Salmon P. (1993), « Analyse secondaire », dans Sociétés contemporaines, n° 14, 15, juin/sept., Paris, L’Harmattan.

Selz  M.  et  Maillochon F.  (2009),  « Analyse  secondaire »,  dans  Le Raisonnement statistique en sociologie, Paris, PUF, p. 215-231.

Silberman R. (1999), Les Sciences sociales et leurs données, Paris, La Documentation française. Rapport au ministère de l’Éducation nationale, de la Recherche et de la Technologie, juin 1999 (http://www.education.gouv.fr/cid1925/les-sciences-sociales-et-leurs-donnees.html)




الهوامش

[1] انظر حول هذا الموضوع: فريبيات (ديدييه) وماركيز (نيكولا)، "الاستبيان بالإنترنت في العلوم الاجتماعية: رصد الحالة الراهنة"، مجلة السكان، 2010، المجلد 62، العدد 2.

Frippiat (Didier) & Marquis (Nicolas), « Les enquêtes par Internet en sciences sociales : un état des lieux », Population, 2010, vol. 62, n° 2.

[2] هذه مختصرات لأسماء برامج حاسوبية:

- برنامج  SPSS والحروف هي اختصارات  (Statistical Package for the Social Sciences)ومعناها الحزمة الإحصائية للعلوم الاجتماعية. وقد ظهرت أول نسخة من البرنامج في سنة 1968، وهو من أكثر البرامج استخداما لتحليل المعلومات الإحصائية في علم الاجتماع. ويستخدم اليوم بكثرة من قبل الباحثين في مجال التسويق والمال والتربية، وفي تحليل الاستبيانات وإدارة المعلومات وتوثيقها.

 Coheris Analytics SPAD, un logiciel d'analyse des données et d'exploration de données publié par la société Coheris.

  • Le langage de commande de SAS, pour Statistical Analysis System, est un langage propriétaire de programmation de quatrième génération (L4G) édité par SAS Institute depuis 1976.
  • Depuis 2004, SAS en est à la version 9, ce qui correspond à une évolution majeure dans le logiciel car il intègre une nouvelle brique conceptuelle destinée à s'implanter dans le monde des logiciels d’informatique décisionnelle.
  • لغة البرمجة "آر": بيئة عمل برمجية للإحصاء الحاسوبي تسمح بإجراء التطبيقات الإحصائية من جهة وبناء البرامج الإحصائية من جهة أخرى.

[3] انظر على وجه الخصوص: أوليفييه دي ساردان (جون بيار)، صرامة الكيفي. القيود التجريبية للتفسير الاجتماعي الإناسي، لوفان الجديدة، 2008).

Olivier de Sardan (Jean-Pierre), La Rigueur du qualitatif. Les contraintes empiriques de l’interprétation socio-anthropologique, Louvain-la-Neuve, Academia-Bruylant, 2008.

[4] المقصود بالثليث (triangulation) استخدام ثلاثة مصادر مختلفة للبيانات للتحقق من صحة المعلومات. (المترجم)

[5] منها على سبيل المثال: فونيكس-ريو (بياتريس) وكاكالي (سيرج)، دليل البحث على الإنترنت: الأدوات والأساليب، باريس، 2005.

Foenix-Riou (Béatrice) & Cacaly (Serge), Guide de recherche sur Internet. Outils et méthodes, Paris, Armand Colin, 2005.