خطاب الخصوصية الثقافية.. جدلية المتن والهامش
الملخّص
من أكثر المسائل التي تثير جدلًا اليوم مسألةُ الهوية والثقافة والعولمة وما تطرحه من تحدياتٍ مفتوحة على الشعوب والأُمم. لقد أُعيدت كتابة كثيرٍ من العلوم الاجتماعية استنادًا إلى تحليل طريقة اختراق الثقافة لميادين أخرى لم تكن قد طالتها بالعمق نفسه في السابق. والسؤال المركزي في دراسة العولمة الثقافية اليوم هو: في أيِّ اتجاه تتدفَّق المعرفة والثقافة؟ هل تتحرك من العالمي إلى المحلي، أم من المحلي إلى العالمي؟ أم إن المسألة أكثر تعقيدًا وتعدُّدًا؟ إن الإجابة على هذا السؤال ترتبط مباشرةً بإشكالية الهوية الثقافية، التي تثير بعمق مشكلات الولاء والانتماء، وتفرض إعادة تحديد مفهوم المواطنة وتعريفه من جديد.
قد يكون التدفق المعرفي والثقافي جاريًا في كل الاتجاهات في آنٍ واحد. ومما يزيد من تعقيد الصورة أن التنظير في مسألة التغيير الثقافي العالمي يجري أيضًا في كل الاتجاهات، منها ما يركِّز على المؤشرات ذات القياس العالمي مثل حركة الناس والأشياء من خلال تكنولوجيا الاتصال واللغة وصناعات وسائل الإعلام واكتساح أنماطٍ من الموضة واللباس والغذاء وغيرها…، أو على مستوياتٍ أخرى وأدنى تعطي اهتمامًا خاصًّا لبروز الثقافات المحلية في وجه "العولمية"، وإبراز كيفية تأويل هذه العمليات، وكيف تقاوم وتنتظم ويُعاد تشكيلها من الأسفل. لقد حاول كثيرون ممن عملوا في هذا المجال البرهنةَ على أن العمليات الثقافية المحلية والعالمية تتفاعل بطرقٍ عديدة في أماكن مختلفة لإعطاء نتائج ذات "معنى" ترسِّخ الخصوصية أو على العكس نتائج "هجينة" تدمج ما هو خصوصي بما هو عولمي.