فقه المواطنة: ضوابط التأسيس والتباسات التنزيل
الملخَّص
من جملة القضايا التي اقتحمت مجالنا الإسلامي، وأضحت موضوعًا مثيرًا للجدل إما مدحًا أو قدحًا: قضية المواطنة، باعتبارها تجربة إنسانية رائدة تمكَّنت بواسطتها المجتمعات المتقدِّمة حضاريًّا من تدبير الاختلاف، وتحقيق التعايش السلمي بين مختلف الانتماءات، وحفظ الحقوق وأداء الواجبات المتبادلة لكل الفئات الاجتماعية والعرقية والدينية المتساكنة تحت سقف فضاء واحد ومشترك. وكذا بناء أمنها واستقرارها السياسي والاجتماعي وتحقيق رخائها الاقتصادي.
وفي المقابل، تعيش المجتمعات الإسلامية على نوستالجيا نموذج مجتمع المدينة برئاسة النبي صلى الله عليه وسلم، الذي قدَّم في زمنه أنموذجًا لمجتمع التعاقد والتعدُّد على أساس الاشتراك في حقوق المواطنة وواجباتها، لكن دون القدرة على إعادة إنتاج هذه التجربة التاريخية أو استلهام نموذج المواطنة الحديثة والمعاصرة والتكيُّف مع المستجدات الراهنة في الحياة الإنسانية عامةً وحياة المجتمعات الإسلامية خاصةً. مما يستدعي ضرورة تأسيس فقه جديد للمواطنة في الخطاب والممارسة العربيَّيْن والإسلاميَّيْن، بعيدًا عن المقولات الاستردادية التي تثني على ماضي السلف غثه وسمينه، وفي منأى أيضًا عن المقولات "الترديدية" الوافدة التي تقدح في كل ما هو أصيل وتمدح كل ما هو دخيل!